قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : وكما زينا للكافرين ما كانوا يعملون ، كذلك جعلنا بكل قرية عظماءها مجرميها يعني أهل الشرك بالله والمعصية له ( ليمكروا فيها ) ، بغرور من القول أو بباطل من الفعل ، بدين الله وأنبيائه ( وما يمكرون ) : أي ما يحيق مكرهم ذلك ، إلا بأنفسهم ؛ لأن الله تعالى ذكره من وراء عقوبتهم على صدهم عن سبيله " وهم لا يشعرون " ، يقول : لا يدرون ما قد أعد الله لهم من أليم عذابه ، فهم في غيهم وعتوهم على الله يتمادون .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : [ ص: 94 ]
13847 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( أكابر مجرميها ) ، قال : عظماءها .
13848 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
13849 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( أكابر مجرميها ) ، قال : عظماءها .
13850 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج عكرمة : نزلت في المستهزئين قال عن ابن جريج ، عمرو ، عن عطاء ، عن عكرمة : ( أكابر مجرميها ) ، إلى قوله : ( بما كانوا يمكرون ) ، بدين الله ، وبنبيه عليه الصلاة والسلام وعباده المؤمنين .
والأكابر : جمع " أكبر " ، كما " الأفاضل " جمع " أفضل " . ولو قيل : هو جمع " كبير " ، فجمع " أكابر " ؛ لأنه قد يقال : " أكبر " ، كما قيل : ( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ) ، [ سورة الكهف : 103 ] ، واحدهم " الخاسر " ، لكان صوابا . وحكي عن العرب سماعا " الأكابرة " و " الأصاغرة " ، و " الأكابر " ، و " الأصاغر " ، بغير الهاء ، على نية النعت ، كما يقال : " هو أفضل منك " . وكذلك تفعل العرب بما جاء من النعوت على " أفعل " ، إذا أخرجوها إلى الأسماء ، مثل جمعهم " الأحمر " و " الأسود " ، " الأحامر " و " الأحامرة " ، و " الأساود " و " الأساودة " ، ومنه قول الشاعر :
إن الأحامرة الثلاثة أهلكت مالي ، وكنت بهن قدما مولعا [ ص: 95 ] الخمر واللحم السمين إدامه
والزعفران ، فلن أروح مبقعا
وأما " المكر " ، فإنه الخديعة والاحتيال للممكور به بالغدر ، ليورطه الماكر به مكروها من الأمر .