[ ص: 123 ] القول في تأويل قوله ( قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ( 130 ) )
قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن قول مشركي الجن والإنس عند تقريعه إياهم بقوله لهم : ( ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا ) ، أنهم يقولونه . . . . . . . . . . . . . . . . ( شهدنا على أنفسنا ) ، بأن رسلك قد أتتنا بآياتك ، وأنذرتنا لقاء يومنا هذا ، فكذبناها وجحدنا رسالتها ، ولم نتبع آياتك ولم نؤمن بها .
قال الله خبرا مبتدأ : وغرت هؤلاء العادلين بالله الأوثان والأصنام ، وأولياءهم من الجن ( الحياة الدنيا ) ، يعني زينة الحياة الدنيا ، وطلب الرياسة فيها والمنافسة عليها ، أن يسلموا لأمر الله فيطيعوا فيها رسله ، فاستكبروا وكانوا قوما عالين . فاكتفى بذكر " الحياة الدنيا " من ذكر المعاني التي غرتهم وخدعتهم فيها ، إذ كان في ذكرها مكتفى عن ذكر غيرها ، لدلالة الكلام على ما ترك ذكره يقول الله تعالى ذكره : ( وشهدوا على أنفسهم ) ، يعني : هؤلاء العادلين به يوم القيامة أنهم كانوا في الدنيا كافرين به وبرسله ، لتتم حجة الله عليهم بإقرارهم على أنفسهم بما يوجب عليهم عقوبته وأليم عذابه .