قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن هؤلاء الجهلة من المشركين أنهم كانوا يحرمون ويحللون من قبل أنفسهم ، من غير أن يكون الله أذن لهم بشيء من ذلك .
يقول تعالى ذكره : وقال هؤلاء العادلون بربهم من المشركين ، جهلا منهم ، لأنعام لهم وحرث : هذه أنعام وهذا حرث حجر يعني ب " الأنعام " و " الحرث " ما كانوا جعلوه لله ولآلهتهم ، التي قد مضى ذكرها في الآية قبل هذه .
وقيل : إن الأنعام السائبة والوصيلة والبحيرة التي سموا .
13914 - حدثني بذلك محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : الأنعام : السائبة والبحيرة التي سموا . [ ص: 140 ]
و " الحجر " في كلام العرب ، الحرام . يقال : " حجرت على فلان كذا " ، أي حرمت عليه ، ومنه قول الله : ( ويقولون حجرا محجورا ) ، [ سورة الفرقان : 22 ] ، ومنه قول المتلمس :
حنت إلى النخلة القصوى فقلت لها : حجر حرام ، ألا ثم الدهاريس
[ ص: 141 ] وقول رؤبة ، [ العجاج ] :
وجارة البيت لها حجري
يعني المحرم ، ومنه قول الآخر :
فبت مرتفقا ، والعين ساهرة كأن نومي علي الليل محجور
أي حرام . يقال : " حجر " و " حجر " ، بكسر الحاء وضمها .
وبضمها كان يقرأ ، فيما ذكر ، الحسن وقتادة .
13915 - حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ] قال : حدثني أبي ، عن الحسين ، عن قتادة أنه : كان يقرؤها : " وحرث حجر " ، يقول : حرام ، مضمومة الحاء . [ ص: 142 ]
وأما القرأة من الحجاز والعراق والشام ، فعلى كسرها . وهي القراءة التي لا أستجيز خلافها ، لإجماع الحجة من القرأة عليها ، وأنها اللغة الجودى من لغات العرب .
وروي عن ابن عباس أنه كان يقرؤها : " وحرث حرج " ، بالراء قبل الجيم .
13916 - حدثني بذلك الحارث قال : حدثني عبد العزيز قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن ابن عباس : أنه كان يقرؤها كذلك .
وهي لغة ثالثة ، معناها ومعنى " الحجر " واحد . وهذا كما قالوا : " جذب " و " جبذ " ، و " ناء " و " نأى " .
ففي " الحجر " ، إذا ، لغات ثلاث : " حجر " بكسر الحاء ، والجيم قبل الراء " وحجر " بضم الحاء ، والجيم قبل الراء و " حرج " ، بكسر الحاء ، والراء قبل الجيم .
وبنحو الذي قلنا في تأويل الحجر قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : [ ص: 143 ]
13917 - حدثني عمران بن موسى القزاز قال : حدثنا عبد الوارث ، عن حميد ، عن مجاهد وأبي عمرو : ( وحرث حجر ) ، يقول : حرام .
13918 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( وحرث حجر ) ، فالحجر . ما حرموا من الوصيلة ، وتحريم ما حرموا .
13919 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( وحرث حجر ) ، قال : حرام .
13920 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( هذه أنعام وحرث حجر ) الآية ، تحريم كان عليهم من الشياطين في أموالهم ، وتغليظ وتشديد . وكان ذلك من الشياطين ، ولم يكن من الله .
13921 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : أما قوله : ( وقالوا هذه أنعام وحرث حجر ) ، فيقولون : حرام أن نطعم إلا من شئنا . السدي
13922 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( هذه أنعام وحرث حجر ) ، نحتجرها على من نريد وعمن نريد ، لا يطعمها إلا من نشاء ، بزعمهم . قال : إنما احتجروا ذلك لآلهتهم ، وقالوا : لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم ) ، قالوا : نحتجرها عن النساء ، ونجعلها للرجال .
13923 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ قال : حدثنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( أنعام وحرث حجر ) ، أما " حجر " ، يقول : محرم . وذلك أنهم كانوا يصنعون في الجاهلية أشياء لم يأمر الله بها ، كانوا يحرمون من أنعامهم أشياء لا يأكلونها ، ويعزلون من حرثهم شيئا معلوما لآلهتهم ، ويقولون : لا يحل لنا ما سمينا لآلهتنا .
13924 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن [ ص: 144 ] ، عن ابن جريج مجاهد : ( أنعام وحرث حجر ) ، ما جعلوه لله ولشركائهم .
13925 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .