القول في تأويل قوله ( وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها    ) 
قال أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره : " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا   " وأن أوفوا الكيل والميزان . يقول : لا تبخسوا الناس الكيل إذا كلتموهم ، والوزن إذا وزنتموهم ، ولكن أوفوهم حقوقهم . وإيفاؤهم ذلك ، إعطاؤهم حقوقهم تامة " بالقسط " ، يعني بالعدل ، كما : - 
14155 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد   : ( بالقسط ) ، بالعدل . 
وقد بينا معنى : " القسط " بشواهده فيما مضى ، وكرهنا إعادته .  [ ص: 225 ] 
وأما قوله : ( لا نكلف نفسا إلا وسعها   ) ، فإنه يقول : لا نكلف نفسا ، من إيفاء الكيل والوزن ، إلا ما يسعها فيحل لها ولا تحرج فيه . وذلك أن الله جل ثناؤه ، علم من عباده أن كثيرا منهم تضيق نفسه عن أن تطيب لغيره بما لا يجب عليها له ، فأمر المعطي بإيفاء رب الحق حقه الذي هو له ، ولم يكلفه الزيادة ، لما في الزيادة عليه من ضيق نفسه بها . وأمر الذي له الحق ، بأخذ حقه ، ولم يكلفه الرضا بأقل منه ، لما في النقصان عنه من ضيق نفسه . فلم يكلف نفسا منهما إلا ما لا حرج فيه ولا ضيق ، فلذلك قال : ( لا نكلف نفسا إلا وسعها   ) . 
وقد استقصينا بيان ذلك بشواهده في موضع غير هذا الموضع ، بما أغنى عن إعادته . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					