القول في تأويل قوله ( فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون ( 157 ) )
قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : فمن أخطأ فعلا وأشد عدوانا منكم ، أيها المشركون ، المكذبون بحجج الله وأدلته وهي آياته ( وصدف عنها ) ، يقول : وأعرض عنها بعد ما أتته ، فلم يؤمن بها ، ولم يصدق بحقيقتها . [ ص: 244 ]
وأخرج جل ثناؤه الخبر بقوله : ( فمن أظلم ممن كذب بآيات الله ) ، مخرج الخبر عن الغائب ، والمعني به المخاطبون به من مشركي قريش .
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : ( وصدف عنها ) ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
14191 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( وصدف عنها ) ، يقول : أعرض عنها .
14192 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( يصدفون عن آياتنا ) ، يعرضون عنها ، و " الصدف " ، الإعراض .
14193 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وصدف عنها ) ، أعرض عنها ، ( سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون ) ، أي : يعرضون .
14194 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : ( وصدف عنها ) ، فصد عنها . السدي
وقوله : ( سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب ) ، يقول : سيثيب الله الذين يعرضون عن آياته وحججه ولا يتدبرونها ، ولا يتعرفون حقيقتها فيؤمنوا بما دلتهم عليه من توحيد الله ، وحقيقة نبوة نبيه ، وصدق ما جاءهم به من عند [ ص: 245 ] ربهم ( سوء العذاب ) ، يقول : شديد العقاب ، وذلك عذاب النار التي أعدها الله لكفرة خلقه به ( بما كانوا يصدفون ) ، يقول : يفعل الله ذلك بهم جزاء بما كانوا يعرضون عن آياته في الدنيا ، فلا يقبلون ما جاءهم به نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم .