القول في تأويل قوله ( قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى )
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( قل ) ، يا محمد ، لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان ، الداعيك إلى عبادة الأصنام واتباع خطوات الشيطان ( أغير الله أبغي ربا ) ، يقول : أسوى الله أطلب سيدا يسودني ؟ ( وهو [ ص: 286 ] رب كل شيء ) ، يقول : وهو سيد كل شيء دونه ومدبره ومصلحه ( ولا تكسب كل نفس إلا عليها ) ، يقول : ولا تجترح نفس إثما إلا عليها ، أي : لا يؤخذ بما أتت من معصية الله تبارك وتعالى ، وركبت من الخطيئة ، سواها ، بل كل ذي إثم فهو المعاقب بإثمه والمأخوذ بذنبه ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ، يقول : ولا تأثم نفس آثمة بإثم نفس أخرى غيرها ، ولكنها تأثم بإثمها ، وعليه تعاقب ، دون إثم أخرى غيرها .
وإنما يعني بذلك المشركين الذين أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول هذا القول لهم . يقول : قل لهم : إنا لسنا مأخوذين بآثامكم ، وعليكم عقوبة إجرامكم ، ولنا جزاء أعمالنا . وهذا كما أمره الله جل ثناؤه في موضع آخر أن يقول لهم : ( لكم دينكم ولي دين ) [ سورة الكافرون : 6 ] ، وذلك كما : -
14307 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قال : كان في ذلك الزمان ، لا مخرج للعلماء العابدين إلا إحدى خلتين : إحداهما أفضل من صاحبتها . إما أمر ودعاء إلى الحق ، أو الاعتزال فلا تشارك أهل الباطل في عملهم ، وتؤدي الفرائض فيما بينك وبين ربك ، وتحب لله وتبغض لله ، ولا تشارك أحدا في إثم . قال : وقد أنزل في ذلك آية محكمة : ( قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء ) ، إلى قوله : ( فيه تختلفون ) ، وفي ذلك قال : ( وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة ) [ سورة البينة : 4 ] .
يقال من " الوزر " " وزر يزر " ، " و " وزر يوزر " ، و " وزر يؤزر ، فهو موزور " .