[ ص: 116 ] القول في تأويل قوله تعالى ( فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء   )  
يعني بقوله : ( فأنزلنا على الذين ظلموا   ) ، على الذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله ، من تبديلهم القول - الذي أمرهم الله جل وعز أن يقولوه - قولا غيره ، ومعصيتهم إياه فيما أمرهم به ، وبركوبهم ما قد نهاهم عن ركوبه ، ( رجزا من السماء بما كانوا يفسقون   ) . 
و" الرجز " في لغة العرب ، العذاب ، وهو غير " الرجز " . وذلك أن الرجز : البثر ، ومنه الخبر الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطاعون أنه قال : " إنه رجز عذب به بعض الأمم الذين قبلكم "  . 
1036 - حدثني  يونس بن عبد الأعلى  قال ، أخبرنا ابن وهب  قال ، أخبرني يونس  ، عن ابن شهاب  قال ، أخبرني  عامر بن سعد بن أبي وقاص  ، عن أسامة بن زيد  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال  : " إن هذا الوجع - أو السقم - رجز عذب به بعض الأمم قبلكم "  . 
1037 - وحدثني أبو شيبة بن أبي بكر بن أبي شيبة  قال ، حدثنا عمر بن حفص  قال ، حدثنا أبي ، عن الشيباني ،  عن رياح بن عبيدة  ، عن عامر بن سعد  قال : شهدت أسامة بن زيد  عند  سعد بن مالك  يقول : قال رسول الله صلى  [ ص: 117 ] الله عليه وسلم : إن الطاعون رجز أنزل على من كان قبلكم - أو على بني إسرائيل  . 
وبمثل الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
1038 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال ، أخبرنا عبد الرزاق  قال ، أخبرنا معمر  ، عن قتادة  في قوله : ( رجزا ) ، قال : عذابا . 
1039 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا آدم العسقلاني  قال ، حدثنا أبو جعفر  ، عن الربيع  ، عن أبي العالية  في قوله : ( فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء   ) ، قال : الرجز ، الغضب . 
1040 - حدثني يونس  قال ، أخبرنا ابن وهب  قال ، قال ابن زيد   : لما قيل لبني إسرائيل : - ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة ، فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم - بعث الله جل وعز عليهم الطاعون ، فلم يبق منهم أحدا . وقرأ : ( فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون   ) ، قال : وبقي الأبناء ففيهم الفضل والعبادة - التي توصف في بني إسرائيل - والخير وهلك الآباء كلهم ، أهلكهم الطاعون . 
1041 - حدثني يونس  قال ، أخبرنا ابن وهب  قال ، قال ابن زيد   : الرجز العذاب . وكل شيء في القرآن " رجز " ، فهو عذاب .  [ ص: 118 ]  1042 - حدثت عن المنجاب  قال ، حدثنا بشر  ، عن أبي روق  ، عن الضحاك  ، عن ابن عباس  في قوله : ( رجزا ) ، قال : كل شيء في كتاب الله من " الرجز " يعني به العذاب . 
وقد دللنا على أن تأويل " الرجز " العذاب . وعذاب الله جل ثناؤه أصناف مختلفة . وقد أخبر الله جل ثناؤه أنه أنزل على الذين وصفنا أمرهم الرجز من السماء . وجائز أن يكون ذلك طاعونا ، وجائز أن يكون غيره . ولا دلالة في ظاهر القرآن ولا في أثر عن الرسول ثابت ، أي أصناف ذلك كان . 
فالصواب من القول في ذلك أن يقال كما قال الله عز وجل : فأنزلنا عليهم رجزا من السماء بفسقهم . 
غير أنه يغلب على النفس صحة ما قاله ابن زيد ،  للخبر الذي ذكرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إخباره عن الطاعون أنه رجز ، وأنه عذب به قوم قبلنا . وإن كنت لا أقول إن ذلك كذلك يقينا ، لأن الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بيان فيه أي أمة عذبت بذلك . وقد يجوز أن يكون الذين عذبوا به ، كانوا غير الذين وصف الله صفتهم في قوله : ( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم   ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					