القول في وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور ( 44 ) ) تأويل قوله (
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : " وإن الله لسميع عليم " إذ يري الله نبيه في منامه المشركين قليلا وإذ يريهم الله المؤمنين إذ لقوهم في أعينهم قليلا وهم كثير عددهم ، ويقلل المؤمنين في أعينهم ، ليتركوا الاستعداد لهم ، فتهون على المؤمنين شوكتهم ، كما : -
16156 - حدثني ابن بزيع البغدادي قال ، حدثنا إسحاق بن منصور ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله قال : لقد قللوا في أعيننا يوم بدر ، حتى قلت لرجل إلى جنبي : تراهم سبعين ؟ قال : أراهم مئة قال : فأسرنا رجلا منهم فقلنا : كم هم ؟ قال : ألفا .
16157 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا إسرائيل ، عن أبى إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بنحوه . [ ص: 573 ]
16158 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن قوله : " ابن جريج وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا " ، قال ابن مسعود : قللوا في أعيننا ، حتى قلت لرجل : أتراهم يكونون مئة ؟
16159 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن قال : قال ناس من المشركين : إن العير قد انصرفت فارجعوا . فقال السدي أبو جهل : الآن إذ برز لكم محمد وأصحابه ! فلا ترجعوا حتى تستأصلوهم . وقال : يا قوم لا تقتلوهم بالسلاح ، ولكن خذوهم أخذا ، فاربطوهم بالحبال ! يقوله من القدرة في نفسه . * * *
وقوله : " ليقضي الله أمرا كان مفعولا " ، يقول جل ثناؤه : قللتكم أيها المؤمنون ، في أعين المشركين ، وأريتكموهم في أعينكم قليلا حتى يقضي الله بينكم ما قضى من قتال بعضكم بعضا ، وإظهاركم ، أيها المؤمنون ، على أعدائكم من المشركين والظفر بهم ، لتكون كلمة الله هي العليا ، وكلمة الذين كفروا السفلى . وذلك أمر كان الله فاعله وبالغا فيه أمره ، كما : -
16160 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " ليقضي الله أمرا كان مفعولا " ، أي : ليؤلف بينهم على الحرب ، للنقمة ممن أراد الانتقام منه ، والإنعام على من أراد إتمام النعمة عليه من أهل ولايته . * * *
" وإلى الله ترجع الأمور " ، يقول جل ثناؤه : مصير الأمور كلها إليه في الآخرة ، فيجازي أهلها على قدر استحقاقهم المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته . * * * [ ص: 574 ]