القول في تأويل قوله : ( ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين ( 13 ) )
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره للمؤمنين بالله ورسوله ، حاضا لهم على جهاد أعدائهم من المشركين : ( ألا تقاتلون ) ، أيها المؤمنون ، هؤلاء المشركين الذين نقضوا العهد الذي بينكم وبينهم ، وطعنوا في دينكم ، وظاهروا عليكم أعداءكم ، ( وهموا بإخراج الرسول ) ، من بين أظهرهم فأخرجوه ( وهم بدءوكم أول مرة ) ، بالقتال ، يعني فعلهم ذلك يوم بدر ، وقيل : قتالهم حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من خزاعة ( أتخشونهم ) ، يقول : أتخافونهم على أنفسكم فتتركوا قتالهم خوفا على أنفسكم منهم ( فالله أحق أن تخشوه ) ، يقول : فالله أولى بكم أن تخافوا عقوبته بترككم جهادهم ، وتحذروا سخطه عليكم ، من هؤلاء المشركين الذين لا يملكون لكم ضرا ولا نفعا إلا بإذن الله ( إن كنتم مؤمنين ) ، يقول : إن كنتم مقرين أن خشية الله لكم أولى من خشية هؤلاء المشركين على أنفسكم . [ ص: 159 ]
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
16535 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن قوله : ( السدي ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم ) ، من بعد عهدهم ( وهموا بإخراج الرسول ) ، يقول : هموا بإخراجه فأخرجوه ( وهم بدأوكم أول مرة ) ، بالقتال .
16536 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وهم بدأوكم أول مرة ) ، قال : قتال قريش حلفاء محمد صلى الله عليه وسلم .
16537 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ، بنحوه .
16538 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
16539 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : أمر الله رسوله بجهاد أهل الشرك ممن نقض من أهل العهد الخاص ، ومن كان من أهل العهد العام ، بعد الأربعة الأشهر التي ضرب لهم أجلا إلا أن يعدو فيها عاد منهم ، فيقتل بعدائه ، ثم قال : ( ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول ) ، إلى قوله : ( والله خبير بما تعملون ) .