القول في تأويل قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون ( 30 ) )
قال
أبو جعفر : واختلف أهل التأويل في القائل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30عزير ابن الله ) .
فقال بعضهم : كان ذلك رجلا واحدا ، هو فنحاص .
ذكر من قال ذلك :
16619 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : سمعت
عبد الله بن عبيد بن عمير قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وقالت اليهود عزير ابن الله ) ، قال : قالها رجل واحد ، قالوا : إن اسمه
فنحاص . وقالوا : هو الذي قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=181إن الله فقير ونحن أغنياء ) ، [ سورة آل عمران : 181 ] .
[ ص: 202 ]
وقال آخرون : بل كان ذلك قول جماعة منهم .
ذكر من قال ذلك :
16620 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير قال : حدثنا
محمد بن إسحاق قال : حدثني
محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال : حدثني
سعيد بن جبير ، أو
عكرمة ، عن
ابن عباس قال :
أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سلام بن مشكم ، ونعمان بن أوفى ، وشأس بن قيس ، ومالك بن الصيف ، فقالوا : كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا ، وأنت لا تزعم أن عزيرا ابن الله؟ فأنزل في ذلك من قولهم : ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ) ، إلى : ( أنى يؤفكون ) .
16621 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وقالت اليهود عزير ابن الله ) ، وإنما قالوا : هو ابن الله من أجل أن
عزيرا كان في أهل الكتاب ، وكانت التوراة عندهم ، فعملوا بها ما شاء الله أن يعملوا ، ثم أضاعوها وعملوا بغير الحق ، وكان التابوت فيهم ، فلما رأى الله أنهم قد أضاعوا التوراة وعملوا بالأهواء ، رفع الله عنهم التابوت ، وأنساهم التوراة ، ونسخها من صدورهم ، وأرسل الله عليهم مرضا ، فاستطلقت بطونهم حتى جعل الرجل يمشي كبده ، حتى نسوا التوراة ، ونسخت من صدورهم ، وفيهم
عزير ، فمكثوا ما شاء الله أن يمكثوا بعد ما نسخت التوراة من صدورهم ، وكان
عزير قبل من علمائهم ، فدعا
عزير الله ، وابتهل إليه أن يرد إليه الذي نسخ من صدره من التوراة ، فبينما هو يصلي مبتهلا إلى الله ، نزل نور من الله فدخل جوفه ، فعاد إليه الذي كان ذهب من جوفه من
[ ص: 203 ] التوراة ، فأذن في قومه فقال : يا قوم ، قد آتاني الله التوراة وردها إلي ! فعلق بهم يعلمهم ، فمكثوا ما شاء الله وهو يعلمهم ، ثم إن التابوت نزل بعد ذلك وبعد ذهابه منهم ، فلما رأوا التابوت عرضوا ما كان فيه على الذي كان عزير يعلمهم ، فوجدوه مثله ، فقالوا : والله ما أوتي عزير هذا إلا أنه ابن الله .
16622 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وقالت اليهود عزير ابن الله ) ، إنما قالت ذلك ، لأنهم ظهرت عليهم العمالقة فقتلوهم ، وأخذوا التوراة ، وذهب علماؤهم الذين بقوا ، وقد دفنوا كتب التوراة في الجبال . وكان
عزير غلاما يتعبد في رءوس الجبال ، لا ينزل إلا يوم عيد ، فجعل الغلام يبكي ويقول : "رب تركت بني إسرائيل بغير عالم" ! فلم يزل يبكي حتى سقطت أشفار عينيه ، فنزل مرة إلى العيد ، فلما رجع إذا هو بامرأة قد مثلت له عند قبر من تلك القبور تبكي وتقول : يا مطعماه ، ويا كاسياه ! فقال لها : ويحك ، من كان يطعمك أو يكسوك أو يسقيك أو ينفعك قبل هذا الرجل؟ قالت : الله! قال : فإن الله حي لم يمت! قالت : يا
عزير ، فمن كان يعلم العلماء قبل بني إسرائيل؟ قال : الله! قالت : فلم تبكي عليهم؟ فلما عرف أنه قد خصم ، ولى مدبرا ، فدعته فقالت : يا
عزير ، إذا أصبحت غدا فأت نهر كذا وكذا فاغتسل فيه ، ثم اخرج فصل ركعتين ،
[ ص: 204 ] فإنه يأتيك شيخ ، فما أعطاك فخذه ، فلما أصبح انطلق
عزير إلى ذلك النهر ، فاغتسل فيه ، ثم خرج فصلى ركعتين ، فجاءه الشيخ فقال : افتح فمك! ففتح فمه ، فألقى فيه شيئا كهيئة الجمرة العظيمة ، مجتمع كهيئة القوارير ، ثلاث مرار ، فرجع
عزير وهو من أعلم الناس بالتوراة ، فقال : يا بني إسرائيل ، إني قد جئتكم بالتوراة! فقالوا : يا
عزير ، ما كنت كذابا! فعمد فربط على كل إصبع له قلما ، وكتب بأصابعه كلها ، فكتب التوراة كلها ، فلما رجع العلماء ، أخبروا بشأن
عزير ، فاستخرج أولئك العلماء كتبهم التي كانوا دفنوها من التوراة في الجبال ، وكانت في خواب مدفونة ، فعارضوها بتوراة
عزير ، فوجدوها مثلها ، فقالوا : ما أعطاك الله هذا إلا أنك ابنه !
واختلفت القرأة في قراءة ذلك .
فقرأته عامة قرأة
أهل المدينة وبعض
المكيين والكوفيين : "
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وقالت اليهود عزير ابن الله " ، لا ينونون "
عزيرا" .
وقرأه بعض
المكيين والكوفيين : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30عزير ابن الله ) ، بتنوين "
عزير " قال : هو اسم مجرى وإن كان أعجميا ، لخفته . وهو مع ذلك غير منسوب إلى الله ، فيكون بمنزلة قول القائل : "زيد ابن عبد الله" ، وأوقع "الابن" موقع الخبر . ولو كان منسوبا إلى الله لكان الوجه فيه ، إذا كان الابن خبرا ، الإجراء ، والتنوين ، فكيف وهو منسوب إلى غير أبيه .
وأما من ترك تنوين "
عزير " ، فإنه لما كانت الباء من "ابن" ساكنة مع التنوين الساكن ، والتقى ساكنان ، فحذف الأول منهما استثقالا لتحريكه ، قال الراجز :
[ ص: 205 ] لتجدني بالأمير برا وبالقناة مدعسا مكرا
إذا غطيف السلمي فرا
فحذف النون للساكن الذي استقبلها .
قال
أبو جعفر : وأولى القراءتين بالصواب في ذلك ، قراءة من قرأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30عزير ابن الله ) ، بتنوين "
عزير " ، لأن العرب لا تنون الأسماء إذا كان "الابن" نعتا للاسم ، [ وتنونه إذا كان خبرا ] ، كقولهم : "هذا زيد ابن عبد الله" ، فأرادوا الخبر عن "زيد" بأنه "ابن عبد الله" ، ولم يريدوا أن يجعلوا "الابن" له نعتا و"الابن" في هذا الموضع خبر ل"عزير" ، لأن الذين ذكر الله عنهم أنهم قالوا ذلك ، إنما أخبروا عن "عزير" ، أنه كذلك ، وإن كانوا بقيلهم ذلك كانوا كاذبين على الله مفترين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل ) ، يعني قول
اليهود : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30عزير ابن الله ) . يقول : يشبه قول هؤلاء في
nindex.php?page=treesubj&link=32430_29706_28671الكذب على الله والفرية عليه ونسبتهم المسيح إلى أنه لله ابن ،
nindex.php?page=treesubj&link=32421_32428_32416_32011_29706_28671كذب اليهود وفريتهم على الله في نسبتهم عزيرا إلى أنه لله ابن ، ولا ينبغي أن يكون لله ولد سبحانه ،
[ ص: 206 ] بل له ما في السماوات والأرض ، كل له قانتون .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
16623 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو صالح قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30يضاهئون قول الذين كفروا من قبل ) ، يقول : يشبهون .
16624 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30يضاهئون قول الذين كفروا من قبل ) ، ضاهت
النصارى قول
اليهود قبلهم .
16625 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30يضاهئون قول الذين كفروا من قبل ) ،
النصارى يضاهئون قول
اليهود في "عزير" .
16626 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30يضاهئون قول الذين كفروا من قبل ) ، يقول :
النصارى ، يضاهئون قول
اليهود .
16627 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30يضاهئون قول الذين كفروا من قبل ) ، يقول : قالوا مثل ما قال أهل الأوثان .
وقد قيل : إن معنى ذلك : يحكون بقولهم قول أهل الأوثان ، الذين قالوا : "اللات ، والعزى ، ومناة الثالثة الأخرى" .
[ ص: 207 ]
واختلفت القرأة في قراءة ذلك .
فقرأته عامة
قرأة الحجاز والعراق : ( يضاهون ) ، بغير همز .
وقرأه
عاصم : ( يضاهئون ) ، بالهمز ، وهي لغة
لثقيف .
وهما لغتان ، يقال : "ضاهيته على كذا أضاهيه مضاهاة" و"ضاهأته عليه مضاهأة" ، إذا مالأته عليه وأعنته .
قال
أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك ترك الهمز ، لأنها القراءة المستفيضة في قرأة الأمصار ، واللغة الفصحى .
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30قاتلهم الله ) ، فإن معناه ، فيما ذكر عن
ابن عباس ، ما : -
16628 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو صالح قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30قاتلهم الله ) ، يقول : لعنهم الله . وكل شيء في القرآن "قتل" ، فهو لعن .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج في ذلك ما : -
16629 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30قاتلهم الله ) ، يعني
النصارى ، كلمة من كلام العرب .
فأما أهل المعرفة بكلام العرب فإنهم يقولون : معناه : قتلهم الله . والعرب تقول : "قاتعك الله" ، و"قاتعها الله" ، بمعنى : قاتلك الله . قالوا : و"قاتعك الله" أهون من "قاتله الله" .
وقد ذكروا أنهم يقولون : "شاقاه الله ما تاقاه" ، يريدون : أشقاه الله ما أبقاه .
[ ص: 208 ]
قالوا : ومعنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30قاتلهم الله ) ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=10قتل الخراصون ) ، [ سورة الذاريات : 10 ] ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=4قتل أصحاب الأخدود ) ، [ سورة البروج : 4 ] ، واحد هو بمعنى التعجب .
فإن كان الذي قالوا كما قالوا ، فهو من نادر الكلام الذي جاء على غير القياس ، لأن "فاعلت" لا تكاد أن تجيء فعلا إلا من اثنين ، كقولهم : "خاصمت فلانا" ، و"قاتلته" ، وما أشبه ذلك . وقد زعموا أن قولهم : "عافاك الله" منه ، وأن معناه : أعفاك الله ، بمعنى الدعاء لمن دعا له بأن يعفيه من السوء .
وقوله : ( أنى يؤفكون ) ، يقول : أي وجه يذهب بهم ، ويحيدون؟ وكيف يصدون عن الحق؟ وقد بينا ذلك بشواهده فيما مضى قبل .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ( 30 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْقَائِلِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ) .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : كَانَ ذَلِكَ رَجُلًا وَاحِدًا ، هُوَ فِنْحَاصُ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
16619 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : سَمِعْتُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ) ، قَالَ : قَالَهَا رَجُلٌ وَاحِدٌ ، قَالُوا : إِنَّ اسْمَهُ
فِنْحَاصُ . وَقَالُوا : هُوَ الَّذِي قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=181إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ) ، [ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ : 181 ] .
[ ص: 202 ]
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ ذَلِكَ قَوْلَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
16620 - حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17416يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، أَوْ
عِكْرِمَةُ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَّامُ بْنُ مِشْكَمٍ ، وَنُعْمَانُ بْنُ أَوْفَى ، وَشَأْسُ بْنُ قَيْسٍ ، وَمَالِكُ بْنُ الصَّيْفِ ، فَقَالُوا : كَيْفَ نَتَّبِعُكَ وَقَدْ تَرَكْتَ قِبْلَتَنَا ، وَأَنْتَ لَا تَزْعُمُ أَنَّ عُزَيْرًا ابْنُ اللَّهِ؟ فَأَنْزَلَ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ) ، إِلَى : ( أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) .
16621 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ) ، وَإِنَّمَا قَالُوا : هُوَ ابْنُ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ
عُزَيْرًا كَانَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَكَانَتِ التَّوْرَاةُ عِنْدَهُمْ ، فَعَمِلُوا بِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَعْمَلُوا ، ثُمَّ أَضَاعُوهَا وَعَمِلُوا بِغَيْرِ الْحَقِّ ، وَكَانَ التَّابُوتُ فِيهِمْ ، فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ أَنَّهُمْ قَدْ أَضَاعُوا التَّوْرَاةَ وَعَمِلُوا بِالْأَهْوَاءِ ، رَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمُ التَّابُوتَ ، وَأَنْسَاهُمُ التَّوْرَاةَ ، وَنَسَخَهَا مِنْ صُدُورِهِمْ ، وَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَرَضًا ، فَاسْتَطْلَقَتْ بُطُونَهُمْ حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَمْشِي كَبِدَهُ ، حَتَّى نَسُوا التَّوْرَاةَ ، وَنُسِخَتْ مِنْ صُدُورِهِمْ ، وَفِيهِمْ
عُزَيْرٌ ، فَمَكَثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثُوا بَعْدَ مَا نُسِخَتِ التَّوْرَاةُ مِنْ صُدُورِهِمْ ، وَكَانَ
عُزَيْرٌ قَبْلُ مِنْ عُلَمَائِهِمْ ، فَدَعَا
عُزَيْرٌ اللَّهَ ، وَابْتَهَلَ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِ الَّذِي نُسِخَ مِنْ صَدْرِهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي مُبْتَهِلًا إِلَى اللَّهِ ، نَزَلَ نُورٌ مِنَ اللَّهِ فَدَخَلَ جَوْفَهُ ، فَعَادَ إِلَيْهِ الَّذِي كَانَ ذَهَبَ مِنْ جَوْفِهِ مِنَ
[ ص: 203 ] التَّوْرَاةِ ، فَأَذَّنَ فِي قَوْمِهِ فَقَالَ : يَا قَوْمِ ، قَدْ آتَانِي اللَّهُ التَّوْرَاةَ وَرَدَّهَا إِلَيَّ ! فَعَلِقَ بِهِمْ يُعَلِّمُهُمْ ، فَمَكَثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ يُعَلِّمُهُمْ ، ثُمَّ إِنَّ التَّابُوتَ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَبَعْدَ ذَهَابِهِ مِنْهُمْ ، فَلَمَّا رَأَوُا التَّابُوتَ عَرَضُوا مَا كَانَ فِيهِ عَلَى الَّذِي كَانَ عُزَيْرٌ يُعَلِّمُهُمْ ، فَوَجَدُوهُ مِثْلَهُ ، فَقَالُوا : وَاللَّهِ مَا أُوتِيَ عُزَيْرٌ هَذَا إِلَّا أَنَّهُ ابْنُ اللَّهِ .
16622 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ) ، إِنَّمَا قَالَتْ ذَلِكَ ، لِأَنَّهُمْ ظَهَرَتْ عَلَيْهِمُ الْعَمَالِقَةُ فَقَتَلُوهُمْ ، وَأَخَذُوا التَّوْرَاةَ ، وَذَهَبَ عُلَمَاؤُهُمُ الَّذِينَ بَقُوا ، وَقَدْ دَفَنُوا كُتُبَ التَّوْرَاةِ فِي الْجِبَالِ . وَكَانَ
عُزَيْرٌ غُلَامًا يَتَعَبَّدُ فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ ، لَا يَنْزِلُ إِلَّا يَوْمَ عِيدٍ ، فَجَعَلَ الْغُلَامُ يَبْكِي وَيَقُولُ : "رَبِّ تَرَكْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِغَيْرِ عَالِمٍ" ! فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى سَقَطَتْ أَشْفَارُ عَيْنَيْهِ ، فَنَزَلَ مَرَّةً إِلَى الْعِيدِ ، فَلَمَّا رَجَعَ إِذَا هُوَ بِامْرَأَةٍ قَدْ مَثُلَتْ لَهُ عِنْدَ قَبْرٍ مِنْ تِلْكَ الْقُبُورِ تَبْكِي وَتَقُولُ : يَا مُطْعِمَاهُ ، وَيَا كَاسِيَاهُ ! فَقَالَ لَهَا : وَيْحَكِ ، مَنْ كَانَ يُطْعِمُكُ أَوْ يَكْسُوكِ أَوْ يَسْقِيكِ أَوْ يَنْفَعُكِ قَبْلَ هَذَا الرَّجُلِ؟ قَالَتْ : اللَّهُ! قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَمْ يَمُتْ! قَالَتْ : يَا
عُزَيْرُ ، فَمَنْ كَانَ يُعَلِّمُ الْعُلَمَاءَ قَبْلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ : اللَّهُ! قَالَتْ : فَلِمَ تَبْكِي عَلَيْهِمْ؟ فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ قَدْ خُصِمَ ، وَلَّى مُدْبِرًا ، فَدَعَتْهُ فَقَالَتْ : يَا
عُزَيْرُ ، إِذَا أَصْبَحْتَ غَدًا فَأْتِ نَهْرَ كَذَا وَكَذَا فَاغْتَسِلْ فِيهِ ، ثُمَّ اخْرُجْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ،
[ ص: 204 ] فَإِنَّهُ يَأْتِيكَ شَيْخٌ ، فَمَا أَعْطَاكَ فَخُذْهُ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ انْطَلَقَ
عُزَيْرٌ إِلَى ذَلِكَ النَّهْرِ ، فَاغْتَسَلَ فِيهِ ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، فَجَاءَهُ الشَّيْخُ فَقَالَ : افْتَحْ فَمَكَ! فَفَتَحَ فَمَهُ ، فَأَلْقَى فِيهِ شَيْئًا كَهَيْئَةِ الْجَمْرَةِ الْعَظِيمَةِ ، مُجْتَمَعٌ كَهَيْئَةِ الْقَوَارِيرِ ، ثَلَاثَ مِرَارٍ ، فَرَجَعَ
عُزَيْرٌ وَهُوَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالتَّوْرَاةِ ، فَقَالَ : يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ، إِنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِالتَّوْرَاةِ! فَقَالُوا : يَا
عُزَيْرُ ، مَا كُنْتَ كَذَّابًا! فَعَمَدَ فَرَبَطَ عَلَى كُلِّ إِصْبَعٍ لَهُ قَلَمًا ، وَكَتَبَ بِأَصَابِعِهِ كُلِّهَا ، فَكَتَبَ التَّوْرَاةَ كُلَّهَا ، فَلَمَّا رَجَعَ الْعُلَمَاءُ ، أُخْبِرُوا بِشَأْنِ
عُزَيْرٍ ، فَاسْتَخْرَجَ أُولَئِكَ الْعُلَمَاءُ كُتُبَهُمُ الَّتِي كَانُوا دَفَنُوهَا مِنَ التَّوْرَاةِ فِي الْجِبَالِ ، وَكَانَتْ فِي خَوَابٍ مَدْفُونَةٍ ، فَعَارَضُوهَا بِتَوْرَاةِ
عُزَيْرٍ ، فَوَجَدُوهَا مِثْلَهَا ، فَقَالُوا : مَا أَعْطَاكَ اللَّهُ هَذَا إِلَّا أَنَّكَ ابْنُهُ !
وَاخْتَلَفَتِ الْقَرَأَةُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ .
فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قَرَأَةِ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ
الْمَكِّيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرُ ابْنُ اللَّهِ " ، لَا يُنَوِّنُونَ "
عُزَيْرًا" .
وَقَرَأَهُ بَعْضُ
الْمَكِّيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ) ، بِتَنْوِينِ "
عُزَيْرٍ " قَالَ : هُوَ اسْمٌ مُجْرًى وَإِنْ كَانَ أَعْجَمِيًّا ، لِخِفَّتِهِ . وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ غَيْرُ مَنْسُوبٍ إِلَى اللَّهِ ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْقَائِلِ : "زَيْدٌ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ" ، وَأَوْقَعَ "الِابْنَ" مَوْقِعَ الْخَبَرِ . وَلَوْ كَانَ مَنْسُوبًا إِلَى اللَّهِ لَكَانَ الْوَجْهُ فِيهِ ، إِذَا كَانَ الِابْنُ خَبَرًا ، الْإِجْرَاءُ ، وَالتَّنْوِينُ ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ .
وَأَمَّا مَنْ تَرَكَ تَنْوِينَ "
عُزَيْرٍ " ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَتِ الْبَاءُ مِنَ "ابْنٍ" سَاكِنَةً مَعَ التَّنْوِينِ السَّاكِنِ ، وَالْتَقَى سَاكِنَانِ ، فَحُذِفَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا اسْتِثْقَالًا لِتَحْرِيكِهِ ، قَالَ الرَّاجِزُ :
[ ص: 205 ] لَتَجِدَنِّي بِالْأَمِيرِ بَرًّا وَبِالْقَنَاةِ مِدْعَسًا مِكَرَّا
إِذَا غُطَيْفُ السُّلَمِيُّ فَرَّا
فَحَذَفَ النُّونَ لِلسَّاكِنِ الَّذِي اسْتَقْبَلَهَا .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ ، قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ) ، بِتَنْوِينِ "
عُزَيْرٍ " ، لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تُنَوِّنُ الْأَسْمَاءَ إِذَا كَانَ "الِابْنُ" نَعْتًا لِلِاسْمِ ، [ وَتُنَوِّنُهُ إِذَا كَانَ خَبَرًا ] ، كَقَوْلِهِمْ : "هَذَا زَيْدٌ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ" ، فَأَرَادُوا الْخَبَرَ عَنْ "زَيْدٍ" بِأَنَّهُ "ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ" ، وَلَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَجْعَلُوا "الِابْنَ" لَهُ نَعْتًا وَ"الِابْنُ" فِي هَذَا الْمَوْضِعِ خَبَرٌ لِ"عُزَيْرٌ" ، لِأَنَّ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ ، إِنَّمَا أَخْبَرُوا عَنْ "عُزَيْرٍ" ، أَنَّهُ كَذَلِكَ ، وَإِنْ كَانُوا بِقِيلِهِمْ ذَلِكَ كَانُوا كَاذِبِينَ عَلَى اللَّهِ مُفْتَرِينَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ) ، يَعْنِي قَوْلَ
الْيَهُودِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ) . يَقُولُ : يُشْبِهُ قَوْلُ هَؤُلَاءِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=32430_29706_28671الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَالْفِرْيَةِ عَلَيْهِ وَنِسْبَتِهِمُ الْمَسِيحَ إِلَى أَنَّهُ لِلَّهِ ابْنٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=32421_32428_32416_32011_29706_28671كَذِبَ الْيَهُودِ وَفِرْيَتَهُمْ عَلَى اللَّهِ فِي نِسْبَتِهِمْ عُزَيْرًا إِلَى أَنَّهُ لِلَّهِ ابْنٌ ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ وَلَدٌ سُبْحَانَهُ ،
[ ص: 206 ] بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
16623 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
مُعَاوِيَةُ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ) ، يَقُولُ : يُشْبِهُونَ .
16624 - حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ) ، ضَاهَتْ
النَّصَارَى قَوْلَ
الْيَهُودِ قَبْلَهُمْ .
16625 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ) ،
النَّصَارَى يُضَاهِئُونَ قَوْلَ
الْيَهُودِ فِي "عُزَيْرٍ" .
16626 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنَا
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ) ، يَقُولُ :
النَّصَارَى ، يُضَاهِئُونَ قَوْلَ
الْيَهُودِ .
16627 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ) ، يَقُولُ : قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ أَهْلُ الْأَوْثَانِ .
وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : يَحْكُونَ بِقَوْلِهِمْ قَوْلَ أَهْلِ الْأَوْثَانِ ، الَّذِينَ قَالُوا : "اللَّاتَ ، وَالْعُزَّى ، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى" .
[ ص: 207 ]
وَاخْتَلَفَتِ الْقَرَأَةُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ .
فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ
قَرَأَةِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ : ( يُضَاهُونَ ) ، بِغَيْرِ هَمْزٍ .
وَقَرَأَهُ
عَاصِمٌ : ( يُضَاهِئُونَ ) ، بِالْهَمْزِ ، وَهِيَ لُغَةٌ
لِثَقِيفٍ .
وَهُمَا لُغَتَانِ ، يُقَالُ : "ضَاهَيْتُهُ عَلَى كَذَا أُضَاهِيهِ مُضَاهَاةً" وَ"ضَاهَأْتُهُ عَلَيْهِ مُضَاهَأَةً" ، إِذَا مَالَأْتُهُ عَلَيْهِ وَأَعَنْتُهُ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ تَرْكُ الْهَمْزِ ، لِأَنَّهَا الْقِرَاءَةُ الْمُسْتَفِيضَةُ فِي قَرَأَةِ الْأَمْصَارِ ، وَاللُّغَةُ الْفُصْحَى .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ) ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ ، فِيمَا ذُكِرَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، مَا : -
16628 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
مُعَاوِيَةُ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ) ، يَقُولُ : لَعَنَهُمُ اللَّهُ . وَكُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ "قَتْلٌ" ، فَهُوَ لَعْنٌ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ فِي ذَلِكَ مَا : -
16629 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ) ، يَعْنِي
النَّصَارَى ، كَلِمَةٌ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ .
فَأَمَّا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ : مَعْنَاهُ : قَتَلَهُمُ اللَّهُ . وَالْعَرَبُ تَقُولُ : "قَاتَعَكَ اللَّهُ" ، وَ"قَاتَعَهَا اللَّهُ" ، بِمَعْنَى : قَاتَلَكَ اللَّهُ . قَالُوا : وَ"قَاتَعَكَ اللَّهُ" أَهْوَنُ مِنْ "قَاتَلَهُ اللَّهُ" .
وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : "شَاقَاهُ اللَّهُ مَا تَاقَاهُ" ، يُرِيدُونَ : أَشْقَاهُ اللَّهُ مَا أَبْقَاهُ .
[ ص: 208 ]
قَالُوا : وَمَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ) ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=10قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ) ، [ سُورَةُ الذَّارِيَاتِ : 10 ] ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=4قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ) ، [ سُورَةُ الْبُرُوجِ : 4 ] ، وَاحِدٌ هُوَ بِمَعْنَى التَّعَجُّبِ .
فَإِنْ كَانَ الَّذِي قَالُوا كَمَا قَالُوا ، فَهُوَ مِنْ نَادِرِ الْكَلَامِ الَّذِي جَاءَ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ ، لِأَنَّ "فَاعَلْتُ" لَا تَكَادُ أَنْ تَجِيءَ فِعْلًا إِلَّا مِنَ اثْنَيْنِ ، كَقَوْلِهِمْ : "خَاصَمْتُ فُلَانًا" ، وَ"قَاتَلْتُهُ" ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ قَوْلَهُمْ : "عَافَاكَ اللَّهُ" مِنْهُ ، وَأَنَّ مَعْنَاهُ : أَعْفَاكَ اللَّهُ ، بِمَعْنَى الدُّعَاءِ لِمَنْ دَعَا لَهُ بِأَنْ يَعْفِيهِ مِنَ السُّوءِ .
وَقَوْلُهُ : ( أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) ، يَقُولُ : أَيَّ وَجْهٍ يُذْهِبُ بِهِمْ ، وَيَحِيدُونَ؟ وَكَيْفَ يَصُدُّونَ عَنِ الْحَقِّ؟ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ .