القول في تأويل قوله ( يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ( 35 ) )
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : فبشر هؤلاء الذين يكنزون الذهب والفضة ، ولا يخرجون حقوق الله منها ، يا محمد ، بعذاب أليم ( يوم يحمى عليها في نار جهنم ) ، ف"اليوم" من صلة "العذاب الأليم" ، كأنه قيل : يبشرهم بعذاب أليم ، يعذبهم الله به في يوم يحمى عليها . [ ص: 230 ]
ويعني بقوله : ( يحمى عليها ) ، تدخل النار فيوقد عليها ، أي : على الذهب والفضة التي كنزوها ( في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم ) .
وكل شيء أدخل النار فقد أحمي إحماء ، يقال منه : "أحميت الحديدة في النار أحميها إحماء" .
وقوله : ( فتكوى بها جباههم ) ، يعني بالذهب والفضة المكنوزة ، يحمى عليها في نار جهنم ، يكوي الله بها . يقول : يحرق الله جباه كانزيها وجنوبهم وظهورهم ( هذا ما كنزتم ) ، ومعناه : ويقال لهم : هذا ما كنزتم في الدنيا ، أيها الكافرون الذين منعوا كنوزهم من فرائض الله الواجبة فيها لأنفسكم ( فذوقوا ما كنتم تكنزون ) ، يقول : فيقال لهم : فاطعموا عذاب الله بما كنتم تمنعون من أموالكم حقوق الله وتكنزونها مكاثرة ومباهاة .
وحذف من قوله : ( هذا ما كنزتم ) و"يقال لهم" ، لدلالة الكلام عليه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
16675 - حدثني يعقوب قال : حدثنا قال : أخبرنا ابن علية ، أيوب ، عن حميد بن هلال قال : كان أبو ذر يقول : بشر الكنازين بكي في الجباه ، وكي في الجنوب ، وكي في الظهور ، حتى يلتقي الحر في أجوافهم . [ ص: 231 ]
16676 - . . . . . . قال : حدثنا عن ابن علية ، الجريري ، عن أبي العلاء بن الشخير ، عن قال : قدمت الأحنف بن قيس المدينة ، فبينا أنا في حلقة فيها ملأ من قريش ، إذ جاء رجل أخشن الثياب ، أخشن الجسد ، أخشن الوجه ، فقام عليهم فقال : بشر الكنازين برضف يحمى عليه في نار جهنم ، فيوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفه ، ويوضع على نغض كتفه ، حتى يخرج من حلمة ثدييه ، يتزلزل ، قال : فوضع القوم رءوسهم ، فما رأيت أحدا منهم رجع إليه شيئا . قال : وأدبر ، فاتبعته ، حتى جلس إلى سارية ، فقلت : ما رأيت هؤلاء إلا كرهوا ما قلت ! فقال : إن هؤلاء لا يعقلون شيئا .
16677 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا الحكم قال : حدثني عمرو بن قيس ، عن عمرو بن مرة الجملي ، عن أبي نصر ، عن ، قال : رأيت في الأحنف بن قيس مسجد المدينة رجلا غليظ الثياب ، رث الهيئة ، يطوف في الحلق وهو يقول : بشر أصحاب الكنوز بكي في جنوبهم ، وكي في جباههم ، وكي في [ ص: 232 ] ظهورهم ! ثم انطلق وهو يتذمر يقول ما عسى تصنع بي قريش !!
16678 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال : قال أبو ذر : بشر أصحاب الكنوز بكي في الجباه ، وكي في الجنوب ، وكي في الظهور .
16679 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( يوم يحمى عليها في نار جهنم ) ، قال : حية تنطوي على جبينه وجبهته تقول : أنا مالك الذي بخلت به!
16680 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن عن سالم بن أبي الجعد ، معدان بن أبي طلحة ، عن ثوبان : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : [ ص: 233 ] من ترك بعده كنزا مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان ، يتبعه يقول : ويلك ما أنت؟ فيقول : أنا كنزك الذي تركته بعدك! فلا يزال يتبعه حتى يلقمه يده فيقضمها ، ثم يتبعه سائر جسده .
16681 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه قال : بلغني أن الكنوز تتحول يوم القيامة شجاعا يتبع صاحبه وهو يفر منه ، ويقول : أنا كنزك ! لا يدرك منه شيئا إلا أخذه .
16682 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : والذي لا إله غيره ، لا يكوى عبد بكنز فيمس دينار دينارا ولا درهم درهما ، ولكن يوسع جلده ، فيوضع كل دينار ودرهم على حدته .
16683 - . . . . . . قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : ما من رجل يكوى بكنز فيوضع دينار على دينار ولا درهم على درهم ، ولكن يوسع جلده . [ ص: 234 ]