قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( قل ) ، يا محمد ، لهؤلاء المنافقين : أنفقوا كيف شئتم أموالكم في سفركم هذا وغيره ، وعلى أي حال شئتم ، من حال الطوع والكره ، فإنكم إن تنفقوها لن يتقبل الله منكم نفقاتكم ، وأنتم في شك من دينكم ، وجهل منكم بنبوة نبيكم ، وسوء معرفة منكم بثواب الله وعقابه ( إنكم كنتم قوما فاسقين ) ، يقول : خارجين عن الإيمان بربكم .
وخرج قوله : ( أنفقوا طوعا أو كرها ) ، مخرج الأمر ، ومعناه الجزاء ، والعرب تفعل ذلك في الأماكن التي يحسن فيها "إن" ، التي تأتي بمعنى الجزاء ، كما قال جل ثناؤه : ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ) [ سورة التوبة : 80 ] ، فهو في لفظ الأمر ، ومعناه الجزاء ، ومنه قول الشاعر :
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة لدينا ، ولا مقلية إن تقلت
فكذلك قوله : ( أنفقوا طوعا أو كرها ) ، إنما معناه : إن تنفقوا طوعا أو كرها فلن يتقبل منكم .
وقيل : إن هذه الآية نزلت في الجد بن قيس ، حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم ، لما عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم الخروج معه لغزو الروم : "هذا مالي أعينك به" .
16803 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن قال : قال ابن جريج ابن عباس : قال : الجد بن قيس : إني إذا رأيت النساء لم أصبر حتى أفتتن ، ولكن أعينك بمالي ! قال : ففيه نزلت ( أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم ) ، قال : لقوله "أعينك بمالي" .