قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : وعد الله الذين صدقوا الله ورسوله ، وأقروا به وبما جاء به من عند الله من الرجال والنساء ( جنات تجري من تحتها الأنهار ) يقول : بساتين تجري تحت أشجارها الأنهار ( خالدين فيها ) يقول : لابثين فيها أبدا ، مقيمين لا يزول عنهم نعيمها ولا يبيد ( ومساكن طيبة ) يقول : ومنازل يسكنونها طيبة . [ ص: 349 ] " وطيبها " أنها - فيما ذكر لنا - كما : -
16940 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا إسحاق بن سليمان عن جسر الحسن قال : سألت عمران بن حصين عن آية في كتاب الله تبارك وتعالى : ( وأبا هريرة ومساكن طيبة في جنات عدن ) فقالا : على الخبير سقطت ! سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : قصر في الجنة من لؤلؤ ، فيه سبعون دارا من ياقوتة حمراء ، في كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء ، في كل بيت سبعون سريرا . عن
16941 - حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : حدثنا قرة بن حبيب عن جسر بن فرقد عن الحسن ، عمران بن حصين قالا سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية : ( وأبي هريرة ومساكن طيبة في جنات عدن ) قال : قصر من لؤلؤة ، في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء ، في كل دار سبعون بيتا من زبرجدة خضراء ، في كل بيت سبعون سريرا ، على كل سرير فراشا من كل لون ، على كل فراش زوجة من الحور العين ، في كل بيت سبعون مائدة ، [ ص: 350 ] على كل مائدة سبعون لونا من طعام ، في كل بيت سبعون وصيفة ، ويعطى المؤمن من القوة في غداة واحدة ما يأتي على ذلك كله أجمع . عن
وأما قوله : ( في جنات عدن ) فإنه يعني : وهذه في جنات عدن ) . المساكن الطيبة التي وصفها - جل ثناؤه - (
" وفي " من صلة " مساكن " .
وقيل : " جنات عدن " ، لأنها بساتين خلد وإقامة ، لا يظعن منها أحد .
وقيل : إنما قيل لها ( جنات عدن ) ؛ لأنها دار الله التي استخلصها لنفسه ، ولمن شاء من خلقه من قول العرب : " عدن فلان بأرض كذا " إذا أقام بها وخلد بها ، ومنه " المعدن " ويقال : " هو في معدن صدق " يعني به : أنه في أصل ثابت . وقد أنشد بعض الرواة بيت الأعشى :
وإن يستضيفوا إلى حلمه يضافوا إلى راجح قد عدن
[ ص: 351 ] وينشد : " قد وزن " .وكالذي قلنا في ذلك كان ابن عباس وجماعة معه - فيما ذكر - يتأولونه .
16942 - حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال : حدثنا عتاب بن بشير عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس : ( جنات عدن ) قال : " معدن الرجل " الذي يكون فيه .
16943 - حدثنا محمد بن سهل بن عسكر قال : حدثنا ابن أبي مريم قال : حدثنا الليث بن سعد عن زيادة بن محمد عن عن محمد بن كعب القرظي فضالة بن عبيد عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي الدرداء . [ ص: 352 ] 16944 - حدثني إن الله يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل ، في الساعة الأولى منهن ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره ، فيمحو ما يشاء ويثبت . ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنة عدن ، وهي في داره التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر ، وهي مسكنه ، ولا يسكن معه من بني آدم غير ثلاثة : النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، ثم يقول : طوبى لمن دخلك ، وذكر في الساعة الثالثة موسى بن سهل قال : حدثنا آدم قال : حدثنا الليث بن سعد قال : حدثنا زيادة بن محمد عن عن محمد بن كعب القرظي فضالة بن عبيد عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي الدرداء . عدن داره - يعني : دار الله - التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر ، وهي مسكنه ، ولا يسكنها معه من بني آدم غير ثلاثة : النبيين ، والصديقين ، والشهداء . يقول الله تبارك وتعالى : طوبى لمن دخلك
وقال آخرون : جنات عدن ) جنات أعناب وكروم . معنى (
ذكر من قال ذلك :
16945 - حدثني أحمد بن أبي سريج الرازي قال : حدثنا زكريا بن عدي قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عن زيد بن أبي أنيسة عن يزيد بن أبي زياد عبد الله بن الحارث : أن ابن عباس سأل كعبا عن جنات عدن ، فقال : هي الكروم والأعناب بالسريانية .
وقال آخرون : هي اسم لبطنان الجنة ووسطها .
ذكر من قال ذلك : [ ص: 353 ] 16946 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا شعبة عن عن سليمان الأعمش عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله قال : " عدن " بطنان الجنة .
16947 - حدثنا محمد بن بشار قالا : حدثنا ومحمد بن المثنى يحيى بن سعيد عن سفيان وشعبة عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله في قوله : ( جنات عدن ) قال : بطنان الجنة . قال ابن بشار في حديثه ، فقلت : ما بطنانها ؟ وقال في حديثه ، فقلت ابن المثنى للأعمش : ما بطنان الجنة ؟ قال : وسطها .
16948 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن مرة وأبي الضحى عن مسروق عن عبد الله : ( جنات عدن ) قال : بطنان الجنة .
16949 - . . . . . . قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا شعبة عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله بمثله .
16950 - حدثنا قال : حدثنا ابن المثنى ابن أبي عدي عن شعبة عن سليمان عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله مثله .
16951 - حدثنا أحمد بن أبي سريج قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبي الضحى وعبد الله بن مرة عنهما جميعا ، أو عن أحدهما ، عن مسروق عن عبد الله : ( جنات عدن ) قال : بطنان الجنة .
16952 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق عن في قول الله : ( جنات عدن ) قال : بطنان الجنة . [ ص: 354 ] وقال آخرون : " عدن " اسم لقصر . عبد الله بن مسعود
ذكر من قال ذلك :
16953 - حدثني علي بن سعيد الكندي قال : حدثنا عبدة أبو غسان عن عون بن موسى الكناني عن الحسن قال : " جنات عدن " وما أدراك ما جنات عدن ؟ قصر من ذهب ، لا يدخله إلا نبي ، أو صديق ، أو شهيد ، أو حكم عدل ، ورفع به صوته .
16954 - حدثنا أحمد بن أبي سريج قال : حدثنا عبد الله بن عاصم قال : حدثنا عون بن موسى قال : سمعت يقول : جنات عدن ، وما أدراك ما جنات عدن ؟ قصر من ذهب ، لا يدخله إلا نبي ، أو صديق ، أو شهيد ، أو حكم عدل ، رفع الحسن بن أبي الحسن الحسن به صوته .
16955 - حدثنا أحمد قال : حدثنا يزيد قال : أخبرنا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن نافع بن عاصم عن عبد الله بن عمرو قال : إن في الجنة قصرا يقال له " عدن " حوله البروج والروح ، له خمسون ألف باب ، على كل باب حبرة ، لا يدخله إلا نبي أو صديق .
16956 - حدثنا الحسن بن ناصح قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء قال : سمعت يعقوب بن عاصم يحدث ، عن عبد الله بن عمرو : [ ص: 355 ] أن في الجنة قصرا يقال له " عدن " له خمسة آلاف باب ، على كل باب خمسة آلاف حبرة ، لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد .
وقيل : هي مدينة الجنة .
ذكر من قال ذلك :
16957 - حدثت عن عبد الرحمن المحاربي عن جويبر عن الضحاك : في ( جنات عدن ) قال : هي مدينة الجنة ، فيها الرسل والأنبياء والشهداء ، وأئمة الهدى ، والناس حولهم بعد ، والجنات حولها .
وقيل : إنه اسم نهر .
ذكر من قال ذلك :
16958 - حدثت عن المحاربي عن واصل بن السائب الرقاشي عن عطاء قال : " عدن " نهر في الجنة ، جناته على حافتيه .
وأما ورضوان من الله أكبر ) فإن معناه : ورضا الله عنهم أكبر من ذلك كله ، وبذلك جاء الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . [ ص: 356 ] 16959 - حدثني قوله : ( المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك عن مالك بن أنس عن عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي سعيد الخدري . إن الله يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ! فيقولون : لبيك ربنا وسعديك ! فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : ما لنا لا نرضى ، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك ؟ فيقول : أنا أعطيكم أفضل من ذلك . قالوا : يا رب ، وأي شيء أفضل من ذلك ! قال : أحل عليكم رضواني ، فلا أسخط عليكم بعده أبدا
16960 - حدثنا ابن حميد قال : حدثني يعقوب عن حفص عن شمر قال : يجيء القرآن يوم القيامة في صورة الرجل الشاحب ، إلى الرجل حين ينشق عنه قبره ، فيقول : أبشر بكرامة الله ! أبشر برضوان الله ! فيقول مثلك من يبشر بالخير ؟ ومن أنت ؟ فيقول : أنا القرآن الذي كنت أسهر ليلك ، وأظمئ نهارك ! فيحمله على رقبته حتى يوافي به ربه ، فيمثل بين يديه فيقول : يا رب ، عبدك هذا ، اجزه عني خيرا ، فقد كنت أسهر ليله ، وأظمئ نهاره ، وآمره فيطيعني ، وأنهاه فيطيعني . فيقول الرب - تبارك وتعالى - : فله حلة الكرامة . فيقول : أي رب ، زده ، فإنه أهل ذلك ! فيقول : فله رضواني قال : ( ورضوان من الله أكبر ) . [ ص: 357 ] وابتدئ الخبر عن " رضوان الله " للمؤمنين والمؤمنات أنه أكبر من كل ما ذكر - جل ثناؤه - فرفع ، وإن كان " الرضوان " فيما قد وعدهم . ولم يعطف به في الإعراب على " الجنات " " والمساكن الطيبة " ليعلم بذلك تفضيل الله رضوانه عن المؤمنين على سائر ما قسم لهم من فضله ، وأعطاهم من كرامته نظير قول القائل في الكلام لآخر : " أعطيتك ووصلتك بكذا ، وأكرمتك ، ورضاي بعد عنك أفضل لك " .
( ذلك هو الفوز العظيم ) هذه الأشياء التي وعدت المؤمنين والمؤمنات ( هو الفوز العظيم ) يقول : هو الظفر العظيم ، والنجاء الجسيم ؛ لأنهم ظفروا بكرامة الأبد ، ونجوا من الهوان في سقر ، فهو الفوز العظيم الذي لا شيء أعظم منه .