[ ص: 429 ] القول في تأويل قوله : ( والله عليم حكيم الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ( 97 ) )
قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : الأعراب أشد جحودا لتوحيد الله ، وأشد نفاقا من أهل الحضر في القرى والأمصار . وإنما وصفهم - جل ثناؤه - بذلك ؛ لجفائهم ، وقسوة قلوبهم ، وقلة مشاهدتهم لأهل الخير ، فهم لذلك أقسى قلوبا ، وأقل علما بحقوق الله .
وقوله : ( وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ) يقول : وأخلق ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ، وذلك - فيما قال قتادة - : السنن .
17092 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : ( وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ) قال : هم أقل علما بالسنن .
17093 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عن عبد الرحمن بن مغراء الأعمش عن إبراهيم قال : جلس أعرابي إلى زيد بن صوحان وهو يحدث أصحابه ، وكانت يده قد أصيبت يوم نهاوند ، فقال : والله إن حديثك ليعجبني ، وإن يدك لتريبني . فقال زيد : وما يريبك من يدي ؟ إنها الشمال . فقال الأعرابي : والله ما أدري اليمين يقطعون أم الشمال ؟ فقال زيد بن صوحان : صدق الله : ( الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ) . [ ص: 430 ] وقوله : ( والله عليم حكيم ) يقول : ( والله عليم ) بمن يعلم حدود ما أنزل على رسوله . والمنافق من خلقه والكافر منهم ، لا يخفى عليه منهم أحد ( حكيم ) في تدبيره إياهم ، وفي حلمه عن عقابهم ، مع علمه بسرائرهم وخداعهم أولياءه .