القول في تأويل قوله : ( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شيء عليم ( 115 ) )
قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : وما كان الله ليقضي عليكم في استغفاركم لموتاكم المشركين بالضلال - بعد إذ رزقكم الهداية ، ووفقكم للإيمان به وبرسوله - حتى يتقدم إليكم بالنهي عنه ، فتتركوا الانتهاء عنه . فأما قبل أن يبين لكم كراهية ذلك بالنهي عنه ، ثم تتعدوا نهيه إلى ما نهاكم عنه ، فإنه لا يحكم عليكم بالضلال ؛ لأن الطاعة والمعصية إنما يكونان من المأمور والمنهي ، فأما من لم يؤمر ولم ينه ، فغير كائن مطيعا أو عاصيا فيما لم يؤمر به ولم ينه عنه " إن الله بكل شيء عليم " يقول - تعالى ذكره - : إن الله ذو علم بما خالط أنفسكم عند نهي الله إياكم من الاستغفار لموتاكم المشركين ، من الجزع على ما سلف منكم [ ص: 537 ] من الاستغفار لهم قبل تقدمه إليكم بالنهي عنه ، وبغير ذلك من سرائر أموركم وأمور عباده وظواهرها ، فبين لكم حلمه في ذلك عليكم ؛ ليضع عنكم ثقل الوجد بذلك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل :
ذكر من قال ذلك :
17419 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون " قال : بيان الله للمؤمنين في الاستغفار للمشركين خاصة ، وفي بيانه طاعته ومعصيته عامة ، فافعلوا أو ذروا .
17420 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون " قال : بيان الله للمؤمنين : أن لا يستغفروا للمشركين خاصة ، وفي بيانه طاعته ومعصيته عامة ، فافعلوا أو ذروا .
17421 - . . . . . قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد نحوه .
17422 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ، قوله : " وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون " قال : يبين الله للمؤمنين في أن لا يستغفروا للمشركين في بيانه في طاعته وفي معصيته ، فافعلوا أو ذروا .