القول في تأويل قوله تعالى : ( إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون ( 44 ) )
قال أبو جعفر : يقول ، تعالى ذكره : إن الله لا يفعل بخلقه ما لا يستحقون منه ، لا يعاقبهم إلا بمعصيتهم إياه ، ولا يعذبهم إلا بكفرهم به ( ولكن الناس ) يقول : ولكن وسخطه . [ ص: 97 ] الناس هم الذين يظلمون أنفسهم ، باجترامهم ما يورثها غضب الله
وإنما هذا إعلام من الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به ، أنه لم يسلب هؤلاء الذين أخبر جل ثناؤه عنهم أنهم لا يؤمنون الإيمان ابتداء منه بغير جرم سلف منهم ، وإخبار أنه إنما سلبهم ذلك باستحقاق منهم سلبه لذنوب اكتسبوها ، فحق عليهم قول ربهم ، وطبع على قلوبهم .