قال أبو جعفر : وتأويل قوله ( إياك نعبد ) : لك اللهم نخشع ونذل ونستكين ، إقرارا لك يا ربنا بالربوبية لا لغيرك .
171 - كما حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن قال : قال عبد الله بن عباس ، جبريل لمحمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد : ( إياك نعبد ) ، إياك نوحد ونخاف ونرجو يا ربنا لا غيرك . [ ص: 161 ]
وذلك من قول ابن عباس بمعنى ما قلنا . وإنما اخترنا البيان عن تأويله بأنه بمعنى نخشع ونذل ونستكين ، دون البيان عنه بأنه بمعنى نرجو ونخاف - وإن كان الرجاء والخوف لا يكونان إلا مع ذلة - لأن العبودية ، عند جميع العرب أصلها الذلة ، وأنها تسمى الطريق المذلل الذي قد وطئته الأقدام ، وذللته السابلة : معبدا . ومن ذلك قول طرفة بن العبد :
تباري عتاقا ناجيات وأتبعت وظيفا وظيفا فوق مور معبد
يعني بالمور : الطريق . وبالمعبد : المذلل الموطوء . ومن ذلك قيل للبعير المذلل بالركوب في الحوائج : معبد . ومنه سمي العبد عبدا لذلته لمولاه . والشواهد على ذلك - من أشعار العرب وكلامها - أكثر من أن تحصى ، وفيما ذكرناه كفاية لمن وفق لفهمه إن شاء الله تعالى .