[ ص: 91 ] [ القول في تأويل قوله تعالى : ( ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ( 35 ) )
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ثم بدا للعزيز ، زوج المرأة التي راودت يوسف عن نفسه .
وقيل : " بدا لهم " ، ، وهو واحد ، لأنه لم يذكر باسمه ويقصد بعينه ، وذلك نظير قوله : ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ) ، [ سورة آل عمران : 173 ] ، وقيل : إن قائل ذلك كان واحدا .
وقيل : معنى قوله : ( ثم بدا لهم ) في الرأي الذي كانوا رأوه من ترك يوسف مطلقا ، ورأوا أن يسجنوه ( من بعد ما رأوا الآيات ) ببراءته مما قذفته به امرأة العزيز .
وتلك " الآيات " ، كانت قد القميص من دبر ، وخمشا في الوجه ، وقطع أيديهن ، كما : -
19253 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ، عن وكيع نصر بن عوف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ) ، قال : كان من الآيات : قد في القميص ، وخمش في الوجه .
19254 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي وابن نمير ، عن [ نصر ] ، عن عكرمة ، مثله .
[ ص: 92 ] 19255 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ) ، قال : قد القميص من دبر .
19256 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( من بعد ما رأوا الآيات ) ، قال : قد القميص من دبر .
19257 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد
19258 - . . . . قال : وحدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
19259 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( من بعد ما رأوا الآيات ) ، قال : " الآيات : " حزهن أيديهن ، وقد القميص .
19260 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ، قال : قد القميص من دبر .
19261 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه ) ، ببراءته مما اتهم به ، من شق قميصه من دبر ( ليسجننه حتى حين ) .
19262 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن : ( السدي من بعد ما رأوا الآيات ) ، القميص ، وقطع الأيدي .
وقوله : ( ليسجننه حتى حين ) ، يقول : ليسجننه إلى الوقت الذي يرون فيه رأيهم . [ ص: 93 ]
وجعل الله ذلك الحبس ليوسف ، فيما ذكر ، عقوبة له من همه بالمرأة ، وكفارة لخطيئته .
19263 - حدثت عن يحيى بن أبي زائدة ، عن إسرائيل ، عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( ليسجننه حتى حين ) ، عثر يوسف عليه السلام ثلاث عثرات : حين هم بها فسجن . وحين قال : ( اذكرني عند ربك ) ، فلبث في السجن بضع سنين ، وأنساه الشيطان ذكر ربه . وقال لهم : ( إنكم لسارقون ) ، فقالوا : ( إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل ) .
وذكر أن سبب حبسه في السجن ، كان شكوى امرأة العزيز إلى زوجها أمره وأمرها ، كما : -
19264 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن : ( السدي ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ) ، قال : قالت المرأة لزوجها : إن هذا العبد العبراني قد فضحني في الناس ، يعتذر إليهم ، ويخبرهم أني راودته عن نفسه ، ولست أطيق أن أعتذر بعذري ، فإما أن تأذن لي فأخرج فأعتذر ، وإما أن تحبسه كما حبستني . فذلك قول الله تعالى : ( ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ) .
وقد اختلف أهل العربية في وجه دخول هذه " اللام " في : ( ليسجننه ) .
فقال بعض البصريين : دخلت ههنا ، لأنه موضع يقع فيه " أي " ، فلما كان حرف الاستفهام يدخل فيه دخلته النون ، لأن النون تكون في الاستفهام ، تقول : " بدا لهم أيهم يأخذن " ، أي : استبان لهم .
وأنكر ذلك بعض أهل العربية فقال : هذا يمين ، وليس قوله : " هل تقومن " بيمين ، و " لتقومن " ، لا يكون إلا يمينا . [ ص: 94 ]
وقال بعض نحويي الكوفة : " بدا لهم " ، بمعنى : " القول " ، و " القول " يأتي بكل الكلام ، بالقسم وبالاستفهام ، فلذلك جاز : " بدا لهم قام زيد " ، و " بدا لهم ليقومن " .
وقيل : إن " الحين " في هذا الموضع معني به سبع سنين .
ذكر من قال ذلك :
19265 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا المحاربي ، عن داود ، عن عكرمة : ( ليسجننه حتى حين ) ، قال : سبع سنين .