[ ص: 169 ] [ القول في تأويل قوله تعالى : ( ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون ( 69 ) )
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ولما دخل ولد يعقوب على يوسف ( آوى إليه أخاه ) ، يقول : ضم إليه أخاه لأبيه وأمه .
وكان إيواؤه إياه ، كما : -
19503 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن : ( السدي ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه ) ، قال : عرف أخاه ، فأنزلهم منزلا وأجرى عليهم الطعام والشراب . فلما كان الليل جاءهم بمثل ، فقال : لينم كل أخوين منكم على مثال . فلما بقي الغلام وحده ، قال يوسف : هذا ينام معي على فراشي . فبات معه ، فجعل يوسف يشم ريحه ، ويضمه إليه حتى أصبح ، وجعل روبيل يقول : ما رأينا مثل هذا! أريحونا منه!
19504 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : لما دخلوا يعني ولد يعقوب على يوسف ، قالوا : هذا أخونا الذي أمرتنا أن نأتيك به ، قد جئناك به . فذكر لي أنه قال لهم : قد أحسنتم وأصبتم ، وستجدون ذلك عندي أو كما قال . ثم قال : إني أراكم رجالا وقد أردت أن أكرمكم . ودعا [ صاحب ] [ ص: 170 ] ضيافته . فقال : أنزل كل رجلين على حدة ، ثم أكرمهما ، وأحسن ضيافتهما . ثم قال : إني أرى هذا الرجل الذي جئتم به ليس معه ثان ، فسأضمه إلي ، فيكون منزله معي . فأنزلهم رجلين رجلين في منازل شتى ، وأنزل أخاه معه ، فآواه إليه . فلما خلا به قال إني أنا أخوك ، أنا يوسف ، فلا تبتئس بشيء فعلوه بنا فيما مضى ، فإن الله قد أحسن إلينا ، ولا تعلمهم شيئا مما أعلمتك . يقول الله : ( ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون ) .
19505 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه ) ، ضمه إليه ، وأنزله ، وهو بنيامين .
19506 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال : حدثني عبد الصمد بن معقل قال : سمعت يقول وسئل عن قول وهب بن منبه يوسف : ( ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون ) : كيف أصابه حين أخذ بالصواع ، وقد كان أخبره [ أنه ] أخوه ، وأنتم تزعمون أنه لم يزل متنكرا لهم يكايدهم حتى رجعوا؟ فقال : إنه لم يعترف له بالنسبة ، ولكنه قال : ( أنا أخوك ) مكان أخيك الهالك ( فلا تبتئس بما كانوا يعملون ) ، يقول : لا يحزنك مكانه .
وقوله : ( فلا تبتئس ) ، يقول : فلا تستكن ولا تحزن . [ ص: 171 ]
وهو : " فلا تفتعل " من " البؤس " ، يقال منه : " ابتأس يبتئس ابتئاسا " .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
19507 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( فلا تبتئس ) ، يقول : فلا تحزن ولا تيأس .
19508 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال ، حدثني عبد الصمد قال : سمعت يقول : ( وهب بن منبه فلا تبتئس ) ، يقول : لا يحزنك مكانه .
19509 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن : ( السدي فلا تبتئس بما كانوا يعملون ) ، يقول : لا تحزن على ما كانوا يعملون .
قال أبو جعفر : فتأويل الكلام إذا : فلا تحزن ولا تستكن لشيء سلف من إخوتك إليك في نفسك ، وفي أخيك من أمك ، وما كانوا يفعلون قبل اليوم بك .