[ ص: 490 ] القول في وعنده أم الكتاب ( 39 ) ) تأويل قوله تعالى : (
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : ( وعنده أم الكتاب ) ، فقال بعضهم : معناه : وعنده الحلال والحرام .
ذكر من قال ذلك :
20506 - حدثني المثنى قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم قال : حدثنا محمد بن عقبة قال : حدثنا مالك بن دينار قال : سألت الحسن : قلت : ( أم الكتاب ) ، قال : الحلال والحرام . قال : قلت له : فما ( الحمد لله رب العالمين ) قال : هذه أم القرآن .
وقال آخرون : معناه : وعنده جملة الكتاب وأصله .
ذكر من قال ذلك :
20507 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( وعنده أم الكتاب ) ، قال : جملة الكتاب وأصله .
20508 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .
20509 - حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( وعنده أم الكتاب ) ، قال : كتاب عند رب العالمين .
20510 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق بن يوسف ، عن جويبر عن الضحاك : ( وعنده أم الكتاب ) ، قال : جملة الكتاب وعلمه . يعني بذلك ما ينسخ منه وما يثبت .
[ ص: 491 ] 20511 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : ( وعنده أم الكتاب ) يقول : وجملة ذلك عنده في أم الكتاب : الناسخ والمنسوخ ، وما يبدل ، وما يثبت ، كل ذلك في كتاب .
وقال آخرون في ذلك ما :
20512 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا معتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن سيار ، عن ابن عباس ، أنه سأل كعبا عن "أم الكتاب" قال : علم الله ما هو خالق وما خلقه عاملون ، فقال لعلمه : كن كتابا ، فكان كتابا .
وقال آخرون : هو الذكر .
ذكر من قال ذلك :
20513 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج - قال أبو جعفر : لا أدري فيه أم لا - قال : قال ابن جريج ابن عباس : ( وعنده أم الكتاب ) قال : الذكر .
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : "وعنده أصل الكتاب وجملته ، وذلك أنه تعالى ذكره أخبر أنه يمحو ما يشاء ويثبت [ ص: 492 ] ما يشاء ، ثم عقب ذلك بقوله : ( وعنده أم الكتاب ) ، فكان بينا أن معناه : وعنده أصل المثبت منه والممحو ، وجملته في كتاب لديه .
قال أبو جعفر : واختلفت القرأة في قراءة قوله : ( ويثبت ) فقرأ ذلك عامة قرأة المدينة والكوفة : "ويثبت" بتشديد "الباء" بمعنى : ويتركه ويقره على حاله ، فلا يمحوه .
وقرأه بعض المكيين وبعض البصريين وبعض الكوفيين : ( ويثبت ) بالتخفيف ، بمعنى : يكتب .
وقد بينا قبل أن معنى ذلك عندنا : إقراره مكتوبا وترك محوه على ما قد بينا ، فإذا كان ذلك كذلك فالتثبيت به أولى ، والتشديد أصوب من التخفيف ، وإن كان التخفيف قد يحتمل توجيهه في المعنى إلى التشديد ، والتشديد إلى التخفيف ، لتقارب معنييهما .
وأما "المحو" فإن للعرب فيه لغتين : فأما مضر فإنها تقول : "محوت الكتاب أمحوه محوا" وبه التنزيل . و : "محوته أمحاه محوا" .
وذكر عن بعض قبائل ربيعة : أنها تقول : "محيت أمحي .