[ ص: 508 ] [ ص: 509 ] تفسير سورة إبراهيم [ ص: 510 ] [ ص: 511 ] ( تفسير السورة التي يذكر فيها إبراهيم )
بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله جل ذكره ( بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ( 1 ) )
قال أبو جعفر الطبري : قد تقدم منا البيان عن معنى قوله : " الر" فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وأما قوله : ( كتاب أنزلناه إليك ) فإن معناه : هذا كتاب أنزلناه إليك ، يا محمد ، يعني القرآن ( لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ) يقول : لتهديهم به من ظلمات الضلالة والكفر ، إلى نور الإيمان وضيائه ، وتبصر به أهل الجهل والعمى سبل الرشاد والهدى .
وقوله : ( بإذن ربهم ) يعني : بتوفيق ربهم لهم بذلك ولطفه بهم ( إلى صراط العزيز الحميد ) يعني : إلى طريق الله المستقيم ، وهو دينه الذي ارتضاه ، وشرعه لخلقه .
[ ص: 512 ] و ( الحميد ) ، "فعيل" صرف من "مفعول" إلى " فعيل" ومعناه : المحمود بآلائه .
وأضاف تعالى ذكره إخراج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم لهم بذلك ، إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ، وهو الهادي خلقه ، والموفق من أحب منهم للإيمان ، إذ كان منه دعاؤهم إليه ، وتعريفهم ما لهم فيه وعليهم . فبين بذلك صحة قول أهل الإثبات الذين أضافوا أفعال العباد إليهم كسبا ، وإلى الله جل ثناؤه إنشاء وتدبيرا ، وفساد قول أهل القدر الذين أنكروا أن يكون لله في ذلك صنع .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
20559 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : ( لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ) ، أي من الضلالة إلى الهدى .