القول في تأويل قوله تعالى ( الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون ( 28 ) )
يقول تعالى ذكره : قال الذين أوتوا العلم : إن الخزي اليوم والسوء على من كفر بالله فجحد وحدانيته ( الذين تتوفاهم الملائكة ) يقول : الذين تقبض أرواحهم الملائكة ، ( ظالمي أنفسهم ) يعني : وهم على كفرهم وشركهم بالله ، وقيل : إنه عنى بذلك من قتل من قريش ببدر ، وقد أخرج إليها كرها .
حدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : ثنا يعقوب بن محمد الزهري ، قال : ثني سفيان بن عيينة عن عن عمرو بن دينار عكرمة ، قال : كان ناس بمكة أقروا بالإسلام ولم يهاجروا ، فأخرج بهم كرها إلى بدر ، فقتل بعضهم ، فأنزل الله فيهم ( الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم )
وقوله : ( فألقوا السلم ) يقول : فاستسلموا لأمره ، وانقادوا له حين عاينوا [ ص: 196 ] الموت قد نزل بهم ، ( ما كنا نعمل من سوء ) وفي الكلام محذوف استغني بفهم سامعيه ما دل عليه الكلام عن ذكره وهو : قالوا ما كنا نعمل من سوء ، يخبر عنهم بذلك أنهم كذبوا وقالوا : ما كنا نعصي الله اعتصاما منهم بالباطل رجاء أن ينجوا بذلك ، فكذبهم الله فقال : بل كنتم تعملون السوء وتصدون عن سبيل الله ( إن الله عليم بما كنتم تعملون ) يقول : إن الله ذو علم بما كنتم تعملون في الدنيا من معاصيه ، وتأتون فيها ما يسخطه .