القول في ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون ( 95 ) ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ( 96 ) ) تأويل قوله تعالى : (
[ ص: 289 ] يقول تعالى ذكره : ولا تنقضوا عهودكم أيها الناس ، وعقودكم التي عاقدتموها من عاقدتم مؤكديها بأيمانكم ، تطلبون بنقضكم ذلك عرضا من الدنيا قليلا ولكن أوفوا بعهد الله الذي أمركم بالوفاء به ، يثبكم الله على الوفاء به ، فإن ما عند الله من الثواب لكم على الوفاء بذلك ، هو خير لكم إن كنتم تعلمون ، فضل ما بين العوضين اللذين أحدهما الثمن القليل ، الذي تشترون بنقض عهد الله في الدنيا ، والآخر الثواب الجزيل في الآخرة على الوفاء به ، ثم بين تعالى ذكره فرق ما بين العوضين وفضل ما بين الثوابين ، فقال : ما عندكم أيها الناس مما تتملكونه في الدنيا ، وإن كثر فنافد فان ، وما عند الله لمن أوفى بعهده وأطاعه من الخيرات باق غير فان ، فلما عنده فاعملوا وعلى الباقي الذي لا يفنى فاحرصوا . وقوله : ( ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) يقول تعالى ذكره : وليثيبن الله الذين صبروا على طاعتهم إياه في السراء والضراء ، ثوابهم يوم القيامة على صبرهم عليها ، ومسارعتهم في رضاه ، بأحسن ما كانوا يعملون من الأعمال دون أسوئها ، وليغفرن الله لهم سيئها بفضله .