القول في تأويل قوله تعالى : ( فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون ( 114 ) )
يقول تعالى ذكره : فكلوا أيها الناس مما رزقكم الله من بهائم الأنعام التي أحلها لكم حلالا طيبا مذكاة غير محرمة عليكم ( واشكروا نعمة الله ) يقول : واشكروا الله على نعمه التي أنعم بها عليكم في تحليله ما أحل لكم من ذلك ، وعلى غير ذلك من نعمه ( إن كنتم إياه تعبدون ) يقول : إن كنتم تعبدون الله ، فتطيعونه فيما يأمركم وينهاكم . وكان بعضهم يقول : إنما عنى بقوله ( فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا ) طعاما كان بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين من قومه في سني الجدب والقحط رقة عليهم ، فقال الله تعالى للمشركين : فكلوا مما رزقكم الله من هذا الذي بعث به إليكم حلالا طيبا ، وذلك تأويل بعيد مما يدل عليه ظاهر التنزيل ، وذلك أن الله تعالى قد أتبع ذلك [ ص: 313 ] بقوله : ( إنما حرم عليكم الميتة والدم ) . . . الآية والتي بعدها ، فبين بذلك أن قوله ( فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا ) إعلام من الله عباده أن ما كان المشركون يحرمونه من البحائر والسوائب والوصائل ، وغير ذلك مما قد بينا قبل فيما مضى لا معنى له ، إذ كان ذلك من خطوات الشيطان ، فإن كل ذلك حلال لم يحرم الله منه شيئا .