[ ص: 445 ] القول في وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا ( 35 ) ) تأويل قوله تعالى : (
يقول تعالى ذكره : ( و ) قضى أن ( أوفوا الكيل ) للناس ( إذا كلتم ) لهم حقوقهم قبلكم ، ولا تبخسوهم ( وزنوا بالقسطاس المستقيم ) يقول :
وقضى أن زنوا أيضا إذا وزنتم لهم بالميزان المستقيم ، وهو العدل الذي لا اعوجاج فيه ، ولا دغل ، ولا خديعة .
وقد اختلف أهل التأويل في معنى القسطاس ، فقال بعضهم : هو القبان .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا قال : ثنا محمد بن بشار ، صفوان بن عيسى ، قال : ثنا الحسن بن ذكوان ، عن الحسن ( وزنوا بالقسطاس المستقيم ) قال : القبان .
وقال آخرون : هو العدل بالرومية .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا علي بن سهل ، قال : ثنا حجاج ، عن عن مجاهد : القسطاس : العدل بالرومية . ابن جريج ،
وقال آخرون : هو الميزان صغر أو كبر; وفيه لغتان : القسطاس بكسر القاف ، والقسطاس بضمها ، مثل القرطاس والقرطاس; وبالكسر يقرأ عامة قراء أهل الكوفة ، وبالضم يقرأ عامه قراء أهل المدينة والبصرة ، وقد قرأ به أيضا بعض قراء الكوفيين ، وبأيتهما قرأ القارئ فمصيب ، لأنهما لغتان مشهورتان ، وقراءتان مستفيضتان في قراء الأمصار .
وقوله ( ذلك خير ) يقول : إيفاؤكم أيها الناس من تكيلون له الكيل ، ووزنكم بالعدل لمن توفون له ( خير لكم ) من بخسكم إياهم ذلك ، وظلمكموهم فيه . وقوله ( وأحسن تأويلا ) يقول : وأحسن مردودا عليكم وأولى إليه فيه فعلكم ذلك ، لأن الله تبارك وتعالى يرضى بذلك عليكم ، فيحسن لكم عليه الجزاء .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . [ ص: 446 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا ) أي خير ثوابا وعاقبة .
وأخبرنا ابن عباس كان يقول : يا معشر الموالي ، إنكم وليتم أمرين بهما هلك الناس قبلكم : هذا المكيال ، وهذا الميزان . قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " لا يقدر رجل على حرام ثم يدعه ، ليس به إلا مخافة الله ، إلا أبدله الله في عاجل الدنيا قبل الآخرة ما هو خير له من ذلك " . أن
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( وأحسن تأويلا ) قال : عاقبة وثوابا .