القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=treesubj&link=28973_31927nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك . فقال بعضهم : وأشربوا في قلوبهم حب العجل .
ذكر من قال ذلك :
1561 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : حدثنا
معمر ، عن
قتادة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وأشربوا في قلوبهم العجل ) ، قال : أشربوا حبه ، حتى خلص ذلك إلى قلوبهم .
[ ص: 358 ] 1562 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
آدم قال : حدثنا
أبو جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وأشربوا في قلوبهم العجل ) ، قال : أشربوا حب العجل بكفرهم .
1563 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن
الربيع : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وأشربوا في قلوبهم العجل ) ، قال : أشربوا حب العجل في قلوبهم .
وقال آخرون : معنى ذلك أنهم سقوا الماء الذي ذري فيه سحالة العجل .
ذكر من قال ذلك :
1564 - حدثني
موسى بن هارون قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : لما رجع
موسى إلى قومه ، أخذ العجل الذي وجدهم عاكفين عليه ، فذبحه ، ثم حرقه بالمبرد ، ثم ذراه في اليم ، فلم يبق بحر يومئذ يجري إلا وقع فيه شيء منه . ثم قال لهم موسى : اشربوا منه ، فشربوا منه ، فمن كان يحبه خرج على شاربه الذهب . فذلك حين يقول الله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم ) .
1565 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : لما سحل فألقي في اليم ، استقبلوا جرية الماء ، فشربوا حتى ملئوا بطونهم ، فأورث ذلك من فعله منهم جبنا .
قال
أبو جعفر : وأولى التأويلين اللذين ذكرت بقول الله جل ثناؤه : ( وأشربوا
[ ص: 159 ] في قلوبهم العجل ) تأويل من قال :
nindex.php?page=treesubj&link=32421_32424وأشربوا في قلوبهم حب العجل ؛ لأن الماء لا يقال منه : أشرب فلان في قلبه ، وإنما يقال ذلك في حب الشيء ، فيقال منه : "أشرب قلب فلان حب كذا " ، بمعنى سقي ذلك حتى غلب عليه وخالط قلبه ، كما قال
زهير :
فصحوت عنها بعد حب داخل والحب يشربه فؤادك داء
قال
أبو جعفر : ولكنه ترك ذكر "الحب " اكتفاء بفهم السامع لمعنى الكلام . إذ كان معلوما أن العجل لا يشرب القلب ، وأن الذي يشرب القلب منه حبه ، كما قال جل ثناؤه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=163واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر ) [ سورة الأعراف : 163 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها ) [ يوسف : 82 ] ، وكما قال الشاعر :
ألا إنني سقيت أسود حالكا ألا بجلي من الشراب ألا بجل
[ ص: 360 ] يعني بذلك سما أسود ، فاكتفى بذكر "أسود " عن ذكر "السم " لمعرفة السامع معنى ما أراد بقوله : "سقيت أسود " . ويروى :
ألا إنني سقيت أسود سالخا
وقد تقول العرب : "إذا سرك أن تنظر إلى السخاء فانظر إلى هرم ، أو إلى
حاتم " ،
فتجتزئ بذكر الاسم من ذكر فعله ، إذا كان معروفا بشجاعة أو سخاء أو ما أشبه ذلك من الصفات ، ومنه قول الشاعر :
يقولون جاهد يا جميل بغزوة وإن جهادا طيئ وقتالها
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=treesubj&link=28973_31927nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ . فَقَالَ بَعْضُهُمْ : وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ حُبَّ الْعِجْلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
1561 - حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : حَدَّثَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ) ، قَالَ : أُشْرِبُوا حُبَّهُ ، حَتَّى خَلُصَ ذَلِكَ إِلَى قُلُوبِهِمْ .
[ ص: 358 ] 1562 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
آدَمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو جَعْفَرٍ ، عَنِ
الرَّبِيعِ ، عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ) ، قَالَ : أُشْرِبُوا حُبَّ الْعِجْلِ بِكُفْرِهِمْ .
1563 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
الرَّبِيعِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ) ، قَالَ : أُشْرِبُوا حُبَّ الْعِجْلِ فِي قُلُوبِهِمْ .
وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ سُقُوا الْمَاءَ الَّذِي ذُرِّيَ فِيهِ سُحَالَةُ الْعِجْلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
1564 - حَدَّثَنِي
مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَمْرٌو قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ : لَمَّا رَجَعَ
مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ ، أَخَذَ الْعِجْلَ الَّذِي وَجَدَهُمْ عَاكِفِينَ عَلَيْهِ ، فَذَبَحَهُ ، ثُمَّ حَرَقَهُ بِالْمِبْرَدِ ، ثُمَّ ذَرَّاهُ فِي الْيَمِّ ، فَلَمْ يَبْقَ بَحْرٌ يَوْمَئِذٍ يَجْرِي إِلَّا وَقَعَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهُ . ثُمَّ قَالَ لَهُمْ مُوسَى : اشْرَبُوا مِنْهُ ، فَشَرِبُوا مِنْهُ ، فَمَنْ كَانَ يُحِبُّهُ خَرَجَ عَلَى شَارِبِهِ الذَّهَبُ . فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ) .
1565 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : لَمَّا سُحِلَ فَأُلْقِيَ فِي الْيَمِّ ، اسْتَقْبَلُوا جِرْيَةَ الْمَاءِ ، فَشَرِبُوا حَتَّى مَلَئُوا بُطُونَهُمْ ، فَأَوْرَثَ ذَلِكَ مَنْ فَعَلَهُ مِنْهُمْ جُبْنًا .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْتُ بِقَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : ( وَأُشْرِبُوا
[ ص: 159 ] فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ) تَأْوِيلُ مِنْ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=32421_32424وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ حُبَّ الْعِجْلِ ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يُقَالُ مِنْهُ : أُشْرِبَ فُلَانٌ فِي قَلْبِهِ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي حُبِّ الشَّيْءِ ، فَيُقَالُ مِنْهُ : "أُشْرِبَ قَلْبُ فُلَانٍ حُبَّ كَذَا " ، بِمَعْنَى سُقِيَ ذَلِكَ حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِ وَخَالَطَ قَلْبَهُ ، كَمَا قَالَ
زُهَيْرٌ :
فَصَحَوْتُ عَنْهَا بَعْدَ حُبٍّ دَاخِلٍ وَالْحُبُّ يُشْرَبُهُ فُؤَادُكُ دَاءُ
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَلَكِنَّهُ تَرَكَ ذِكْرَ "الْحُبِّ " اكْتِفَاءً بِفَهْمِ السَّامِعِ لِمَعْنَى الْكَلَامِ . إِذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْعِجْلَ لَا يُشْرِبُ الْقَلْبَ ، وَأَنَّ الَّذِي يُشْرِبُ الْقَلْبَ مِنْهُ حُبُّهُ ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=163وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ ) [ سُورَةُ الْأَعْرَافِ : 163 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ) [ يُوسُفَ : 82 ] ، وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
أَلَا إِنَّنِي سُقِّيتُ أَسْوَدَ حَالِكًا أَلَا بَجَلِي مِنَ الشَّرَابِ أَلَا بَجَلْ
[ ص: 360 ] يَعْنِي بِذَلِكَ سُمًّا أَسْوَدَ ، فَاكْتَفَى بِذِكْرِ "أَسْوَدَ " عَنْ ذِكْرِ "السُّمِّ " لِمَعْرِفَةِ السَّامِعِ مَعْنَى مَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ : "سُقِّيتُ أَسْوَدَ " . وَيُرْوَى :
أَلَا إِنَّنِي سُقِّيتُ أَسْوَدَ سَالِخًا
وَقَدْ تَقُولُ الْعَرَبُ : "إِذَا سَرَّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى السَّخَاءِ فَانْظُرْ إِلَى هَرِمٍ ، أَوْ إِلَى
حَاتِمٍ " ،
فَتَجْتَزِئُ بِذِكْرِ الِاسْمِ مِنْ ذِكْرِ فِعْلِهِ ، إِذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِشَجَاعَةٍ أَوْ سَخَاءٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
يَقُولُونَ جَاهِدْ يَا جَمِيلُ بِغَزْوَةٍ وَإِنَّ جِهَادًا طَيِّئٌ وَقِتَالُهَا