القول في تأويل قوله تعالى : ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا    ( 109 ) ) 
يقول عز ذكره لنبيه محمد  صلى الله عليه وسلم : ( قل ) يا محمد   : ( لو كان البحر مدادا   ) للقلم الذي يكتب به ( لكلمات ربي لنفد   ) ماء ( البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا   ) يقول : ولو مددنا البحر بمثل ما فيه من الماء مددا ، من قول القائل : جئتك مددا لك ، وذلك من معنى الزيادة . 
وقد ذكر عن بعضهم : ولو جئنا بمثله مددا ، كأن قارئ ذلك كذلك أراد : لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ، ولو زدنا بمثل ما فيه من المداد الذي يكتب به مدادا . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن عمرو ،  قال : ثنا أبو عاصم ،  قال : ثنا عيسى   "ح" وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن ،  قال : ثنا ورقاء ،  جميعا عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد ،  قوله : ( البحر مدادا لكلمات ربي   ) للقلم  . 
حدثنا القاسم ،  قال : ثنا الحسين ،  قال : ثني حجاج ،  عن  ابن جريج ،  عن مجاهد ،  مثله .  [ ص: 134 ] 
حدثنا ابن البرقي ،  قال : ثنا ابن أبي مريم ،  قال : أخبرنا محمد بن جعفر  وابن الدراوردي ،  قالا ثنا  زيد بن أسلم ،  عن  عطاء بن يسار ،  عن معاذ بن جبل ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن للجنة مائة درجة  ، كل درجة منها كما بين السماء والأرض ، أعلى درجة منها الفردوس  " . 
حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي ،  قال : ثنا أحمد بن الفرج الطائي ،  قال : ثنا  الوليد بن مسلم ،  عن  سعيد بن بشير ،  عن قتادة ،  عن الحسن ،  عن سمرة بن جندب ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الفردوس من ربوة الجنة ، هي أوسطها وأحسنها  " . 
حدثنا ابن بشار ،  قال : ثنا ابن أبي عدي ،  قال : أنبأنا إسماعيل بن مسلم ،  عن الحسن ،  عن سمرة بن جندب ،  قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن الفردوس هي أعلى الجنة وأحسنها وأرفعها  " . 
حدثني محمد بن مرزوق ،  قال : ثنا روح بن عبادة ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة ،  عن أنس بن مالك  أن نبي الله صلى الله عليه وسلم ، قال للربيع ابنة النضر " يا أم حارثة ، إنها جنان ، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى" . والفردوس : ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها  . 
وقوله : ( نزلا ) يقول : منازل ومساكن ، والمنزل : من النزول ، وهو من نزول بعض الناس على بعض . 
وأما النزل : فهو الريع ، يقال : ما لطعامكم هذا نزل ، يراد به الريع ، وما وجدنا عندكم نزلا أي نزولا . 
وقوله : ( خالدين ) يقول : لابثين فيها أبدا ( لا يبغون عنها حولا   ) يقول : لا يريدون عنها تحولا وهو مصدر تحولت ، أخرج إلى أصله ، كما يقال : صغر يصغر صغرا ، وعاج يعوج عوجا . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا محمد بن عمرو ،  قال : ثنا أبو عاصم ،  قال : ثنا عيسى  ، وحدثني الحارث ،  قال : ثنا الحسن ،  قال : ثنا ورقاء ،  جميعا عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد   ( لا يبغون عنها حولا   ) قال : متحولا  .  [ ص: 135 ] 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة ،  قوله ( لو كان البحر مدادا لكلمات ربي   ) يقول : إذا لنفد ماء البحر قبل أن تنفد كلمات الله وحكمه  . 
				
						
						
