وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا الحكم بن بشير ، قال : ثنا ، قال : ثنا عمرو ، يعني ابن قيس حذيفة : لو أن رجلا افتلى فلوا بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم القيامة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( واقترب الوعد الحق ) قال : اقترب يوم القيامة منهم ، والواو في قوله ( واقترب الوعد الحق ) مقحمة ، ومعنى الكلام : حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج اقترب الوعد الحق ، وذلك نظير قوله ( فلما أسلما وتله للجبين وناديناه ) معناه : نادينا ، بغير واو ، كما قال امرؤ القيس :
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى بنا بطن خبت ذي حقاف عقنقل
يريد : فلما أجزنا ساحة الحي انتحى بنا .
وقوله ( فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ) ففي هي التي في قوله فإذا هي وجهان : أحدهما أن تكون كناية عن الأبصار ، وتكون الأبصار الظاهرة بيانا عنها ، كما قال الشاعر :
لعمروا أبيها لا تقول ظعينتي ألا فر عني مالك بن أبي كعب
والثاني : أن تكون عمادا كما قال جل ثناؤه ( فإنها لا تعمى الأبصار ) وكقول الشاعر :
فهل هو مرفوع بما هاهنا رأس
وقوله ( يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا ) يقول تعالى ذكره : فإذا أبصار الذين كفروا قد شخصت عند مجيء الوعد الحق بأهواله وقيام الساعة بحقائقها ، وهم يقولون : يا ويلنا قد كنا قبل هذا الوقت في الدنيا في غفلة من هذا الذي نرى ونعاين ونزل بنا من عظيم البلاء ، وفي الكلام متروك ترك ذكره استغناء بدلالة ما ذكر عليه عنه ، وذلك يقولون من قوله ( فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ) [ ص: 535 ] يقولون يا ويلنا ، وقوله ( بل كنا ظالمين ) يقول مخبرا عن قيل الذين كفروا بالله يومئذ : ما كنا نعمل لهذا اليوم ما ينجينا من شدائده ، بل كنا ظالمين بمعصيتنا ربنا وطاعتنا إبليس وجنده في عبادة غير الله عز وجل .