القول في تأويل ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ( 76 ) ) قوله تعالى : (
[ ص: 60 ] يقول تعالى ذكره : ولقد أخذنا هؤلاء المشركين بعذابنا ، وأنزلنا بهم بأسنا ، وسخطنا وضيقنا عليهم معايشهم ، وأجدبنا بلادهم ، وقتلنا سراتهم بالسيف . ( فما استكانوا لربهم ) يقول : فما خضعوا لربهم فينقادوا لأمره ونهيه ، وينيبوا إلى طاعته ( وما يتضرعون ) يقول : وما يتذللون له .
وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخذ الله قريشا بسني الجدب ، إذ دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ذكر الخبر في ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا أبو تميلة ، عن الحسن ، عن يزيد ، عن عكرمة ، ابن عباس ، قال : جاء أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا محمد ، أنشدك الله والرحم ، فقد أكلنا العلهز! يعني الوبر والدم ، فأنزل الله : ( ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ) . عن
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا قال : ثنا يحيى بن واضح ، عبد المؤمن ، عن علباء بن أحمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن ابن أثال الحنفي ، لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو أسير ، فخلى سبيله ، فلحق بمكة ، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة ، حتى أكلت قريش العلهز ، فجاء أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أليس تزعم بأنك بعثت رحمة للعالمين؟ فقال : " بلى! " فقال : قد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع ! فأنزل الله : ( ولقد أخذناهم بالعذاب . ) الآية .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا الحكم بن بشير ، قال : أخبرنا عمرو ، قال : قال الحسن : إذا أصاب الناس من قبل الشيطان بلاء ، فإنما هي نقمة ، فلا تستقبلوا نقمة الله بالحمية ، ولكن استقبلوها بالاستغفار ، وتضرعوا إلى الله ، وقرأ هذه الآية : ( ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ) .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن قوله : ( ابن جريج ، ولقد أخذناهم بالعذاب ) قال : الجوع والجدب . ( فما استكانوا لربهم ) فصبروا ( وما يتضرعون ) .