[ ص: 65 ] القول في تأويل قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون ( 88 ) قوله تعالى : ( سيقولون لله قل فأنى تسحرون ( 89 ) )
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد : من بيده خزائن كل شيء؟
كما حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله ( ملكوت كل شيء ) قال : خزائن كل شيء .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن مجاهد ، في قول الله : ( قل من بيده ملكوت كل شيء ) قال : خزائن كل شيء .
وقوله ( وهو يجير ) من أراد ممن قصده بسوء ، ( ولا يجار عليه ) يقول : ولا أحد يمتنع ممن أراده هو بسوء ، فيدفع عنه عذابه وعقابه ( إن كنتم تعلمون ) من ذلك صفته ، فإنهم يقولون : إن ملكوت كل شيء والقدرة على الأشياء كلها لله ، فقل لهم يا محمد : ( فأنى تسحرون ) يقولون : فمن أي وجه تصرفون عن التصديق بآيات الله ، والإقرار بأخباره وأخبار رسوله ، والإيمان بأن الله القادر على كل ما يشاء ، وعلى بعثكم أحياء بعد مماتكم ، مع علمكم بما تقولون من عظيم سلطانه وقدرته؟!
وكان ابن عباس فيما ذكر عنه يقول في معنى قوله ( تسحرون ) ما حدثني به علي ، قال : ثنا عبد الله قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( فأنى تسحرون ) يقول : تكذبون .
وقد بينت فيما مضى : أنه تخييل الشيء إلى الناظر أنه على خلاف ما هو به من هيئته ، فذلك معنى قوله : ( السحر فأنى تسحرون ) إنما معناه : فمن أي وجه يخيل إليكم الكذب حقا : والفاسد صحيحا ، فتصرفون عن الإقرار بالحق الذي يدعوكم إليه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم .