القول في تأويل قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون ( 114 ) قوله تعالى : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ( 115 ) )
اختلفت القراء في قراءة قوله : ( قال إن لبثتم إلا قليلا ) اختلافهم في قراءة قوله : ( قال كم لبثتم ) والقول عندنا في ذلك في هذا الموضع ، نحو القول الذي بيناه قبل في قوله : ( كم لبثتم ) وتأويل الكلام على قراءتنا : قال الله لهم : ما لبثتم في الأرض إلا قليلا يسيرا ، لو أنكم كنتم تعلمون قدر لبثكم فيها .
وقوله : أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ) يقول تعالى ذكره : أفحسبتم أيها الأشقياء أنا إنما خلقناكم إذ خلقناكم ، لعبا وباطلا وأنكم إلى ربكم بعد مماتكم لا تصيرون أحياء ، فتجزون بما كنتم في الدنيا تعملون؟ . (
[ ص: 84 ] وقد اختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأه بعض قراء المدينة والبصرة والكوفة : ( لا ترجعون ) بضم التاء : لا تردون ، وقالوا : إنما هو من مرجع الآخرة ، لا من الرجوع إلى الدنيا ، وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة " لا ترجعون " وقالوا : سواء في ذلك مرجع الآخرة ، والرجوع إلى الدنيا .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إنهما قراءتان متقاربتا المعنى ; لأن من رده الله إلى الآخرة من الدنيا بعد فنائه ، فقد رجع إليها ، وأن من رجع إليها ، فبرد الله إياه إليها رجع . وهما مع ذلك قراءتان مشهورتان ، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن : ( ابن جريج أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ) قال : باطلا .