القول في تأويل
nindex.php?page=treesubj&link=28995_29382قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=15إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ( 15 ) )
يقول تعالى ذكره : لمسكم فيما أفضتم فيه من شأن
عائشة عذاب عظيم ، حين تلقونه بألسنتكم ، و " إذ " من صلة قوله " لمسكم " ويعني بقوله : ( تلقونه ) تتلقون الإفك الذي جاءت به العصبة من
أهل الإفك ، فتقبلونه ، ويرويه بعضكم عن بعض يقال : تلقيت هذا الكلام عن فلان ، بمعنى أخذته منه ، وقيل ذلك ; لأن الرجل منهم فيما ذكر يلقى آخر ، فيقول : أوما بلغك كذا وكذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة؟ ليشيع عليها بذلك
[ ص: 131 ] الفاحشة . وذكر أنها في قراءة
أبي : " إذ تتلقونه " بتاءين ، وعليها قراءة الأمصار ، غير أنهم قرءوها : ( تلقونه ) بتاء واحدة ; لأنها كذلك في مصاحفهم .
وقد روي عن
عائشة في ذلك ، ما حدثني به
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : ثنا
خالد بن نزار ، عن
نافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، عن
عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تقرأ هذه الآية : " إذ تلقونه بألسنتكم " تقول : إنما هو ولق الكذب ، وتقول : إنما كانوا يلقون الكذب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة : وهي أعلم بما فيها أنزلت ، قال
نافع : وسمعت بعض
العرب يقول : الليق : الكذب .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، قال : ثنا
نافع بن عمر بن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الجمحي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، عن
عائشة ، أنها كانت تقرأ : " إذ تلقونه بألسنتكم " وهي أعلم بذلك وفيها أنزلت ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة : هو من ولق الكذب .
قال
أبو جعفر : وكأن
عائشة وجهت معنى ذلك بقراءتها " تلقونه " بكسر اللام وتخفيف القاف ، إلى : إذ تستمرون في كذبكم عليها ، وإفككم بألسنتكم ، كما يقال : ولق فلان في السير فهو يلق : إذا استمر فيه ; وكما قال الراجز :
إن الجليد زلق وزملق جاءت به عنس من الشأم تلق
مجوع البطن كلابي الخلق
وقد روي عن
العرب في الولق : الكذب : الألق ، والإلق : بفتح الألف وكسرها ، ويقال في فعلت منه : ألقت ، فأنا ألق ، وقال بعضهم :
من لي بالمزرر اليلامق صاحب أدهان وألق وآلق
[ ص: 132 ] والقراءة التي لا أستجيز غيرها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=15إذ تلقونه ) على ما ذكرت من قراءة الأمصار ، لإجماع الحجة من القراء عليها .
وبنحو الذي قلنا من التأويل في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=15إذ تلقونه بألسنتكم ) قال : تروونه بعضكم عن بعض .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=15إذ تلقونه ) قال : تروونه بعضكم عن بعض .
قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=15وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم ) يقول تعالى ذكره : وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم من الأمر الذي تروونه ، فتقولون : سمعنا أن
عائشة فعلت كذا وكذا ، ولا تعلمون حقيقة ذلك ولا صحته ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=15وتحسبونه هينا ) وتظنون أن قولكم ذلك وروايتكموه بألسنتكم ، وتلقيكموه بعضكم عن بعض هين سهل ، لا إثم عليكم فيه ولا حرج ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=15وهو عند الله عظيم ) يقول : وتلقيكم ذلك كذلك وقولكموه بأفواهكم ، عند الله عظيم من الأمر ; لأنكم كنتم تؤذون به رسول الله صلى الله عليه وسلم وحليلته .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ
nindex.php?page=treesubj&link=28995_29382قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=15إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ( 15 ) )
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَفَضْتُمْ فِيهِ مِنْ شَأْنِ
عَائِشَةَ عَذَابٌ عَظِيمٌ ، حِينَ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ ، وَ " إِذْ " مِنْ صِلَةِ قَوْلِهِ " لَمَسَّكُمْ " وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : ( تَلَقَّوْنَهُ ) تَتَلَقَّوْنَ الْإِفْكَ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الْعُصْبَةُ مِنْ
أَهْلِ الْإِفْكِ ، فَتَقْبَلُونَهُ ، وَيَرْوِيهِ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ يُقَالُ : تَلَقَّيْتُ هَذَا الْكَلَامَ عَنْ فُلَانٍ ، بِمَعْنَى أَخَذْتُهُ مِنْهُ ، وَقِيلَ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ فِيمَا ذُكِرَ يَلْقَى آخَرَ ، فَيَقُولُ : أَوَمَا بَلَغَكَ كَذَا وَكَذَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ؟ لَيُشِيعَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ
[ ص: 131 ] الْفَاحِشَةَ . وَذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَةِ
أُبَيٍّ : " إِذْ تَتَلَقَّوْنَهُ " بِتَاءَيْنِ ، وَعَلَيْهَا قِرَاءَةُ الْأَمْصَارِ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ قَرَءُوهَا : ( تَلَقَّوْنَهُ ) بِتَاءٍ وَاحِدَةٍ ; لِأَنَّهَا كَذَلِكَ فِي مَصَاحِفِهِمْ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ ، مَا حَدَّثَنِي بِهِ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، قَالَ : ثَنَا
خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ ، عَنْ
نَافِعٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ
عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ : " إِذْ تَلِقُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ " تَقُولُ : إِنَّمَا هُوَ وَلْقُ الْكَذِبِ ، وَتَقُولُ : إِنَّمَا كَانُوا يُلْقُونَ الْكَذِبَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : وَهِيَ أَعْلَمُ بِمَا فِيهَا أُنْزِلَتْ ، قَالَ
نَافِعٌ : وَسَمِعْتُ بَعْضَ
الْعَرَبِ يَقُولُ : اللَّيْقُ : الْكَذِبُ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ ، قَالَ : ثَنَا
نَافِعُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ
عَائِشَةَ ، أَنَّهَا كَانَتْ تَقْرَأُ : " إِذْ تَلِقُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ " وَهِيَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ وَفِيهَا أُنْزِلَتْ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : هُوَ مِنْ وَلْقِ الْكَذِبِ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَكَأَنَّ
عَائِشَةَ وَجَّهَتْ مَعْنَى ذَلِكَ بِقِرَاءَتِهَا " تَلِقُونَهُ " بِكَسْرِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ ، إِلَى : إِذْ تَسْتَمِرُّونَ فِي كَذِبِكُمْ عَلَيْهَا ، وَإِفْكِكُمْ بِأَلْسِنَتِكُمْ ، كَمَا يُقَالُ : وَلَقَ فُلَانٌ فِي السَّيْرِ فَهُوَ يَلِقُ : إِذَا اسْتَمَرَّ فِيهِ ; وَكَمَا قَالَ الرَّاجِزُ :
إِنَّ الْجُلَيْدَ زَلِقٌ وَزُمَلِقْ جَاءَتْ بِهِ عَنْسٌ مِنَ الشَّأْمِ تَلِقْ
مُجَوَّعُ الْبَطْنِ كِلَابِيُّ الْخُلُقْ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
الْعَرَبِ فِي الْوَلْقِ : الْكَذِبُ : الْأَلْقُ ، وَالْإِلْقُ : بِفَتْحِ الْأَلِفِ وَكَسْرِهَا ، وَيُقَالُ فِي فَعَلْتُ مِنْهُ : أَلَقْتُ ، فَأَنَا أَلْقِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ :
مَنْ لَيَ بِالْمُزَرَّرِ الْيَلَامِقِ صَاحِبِ أَدْهَانٍ وَأَلْقٍ وَآلِقِ
[ ص: 132 ] وَالْقِرَاءَةُ الَّتِي لَا أَسْتَجِيزُ غَيْرَهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=15إِذْ تَلَقَّوْنَهُ ) عَلَى مَا ذَكَرْتُ مِنْ قِرَاءَةِ الْأَمْصَارِ ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهَا .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا مِنَ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=15إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ ) قَالَ : تَرْوُونَهُ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ ، قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ ، جَمِيعًا عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=15إِذْ تَلَقَّوْنَهُ ) قَالَ : تَرْوُونَهُ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ .
قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=15وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي تَرْوُونَهُ ، فَتَقُولُونَ : سَمِعْنَا أَنَّ
عَائِشَةَ فَعَلَتْ كَذَا وَكَذَا ، وَلَا تَعْلَمُونَ حَقِيقَةَ ذَلِكَ وَلَا صِحَّتَهُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=15وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا ) وَتَظُنُّونَ أَنَّ قَوْلَكُمْ ذَلِكَ وَرِوَايَتَكُمُوهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ ، وَتَلَقِّيكُمُوهُ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ هَيِّنٌ سَهْلٌ ، لَا إِثْمَ عَلَيْكُمْ فِيهِ وَلَا حَرَجَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=15وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ) يَقُولُ : وَتَلَقِّيكُمْ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَقَوْلُكُمُوهُ بِأَفْوَاهِكُمْ ، عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ مِنَ الْأَمْرِ ; لِأَنَّكُمْ كُنْتُمْ تُؤْذُونَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَلِيلَتَهُ .