القول في تأويل قوله تعالى : ( بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ( 11 ) إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا ( 12 ) )
يقول تعالى ذكره : ما كذب هؤلاء المشركون بالله ، وأنكروا ما جئتهم به يا محمد من الحق من أجل أنك تأكل الطعام ، وتمشي في الأسواق ، ولكن من أجل أنهم لا يوقنون بالمعاد ، ولا يصدقون بالثواب والعقاب تكذيبا منهم بالقيامة ، وبعث الله الأموات أحياء لحشر القيامة .
( وأعتدنا ) يقول : وأعددنا لمن كذب ببعث الله الأموات أحياء بعد فنائهم لقيام الساعة ، نارا تسعر عليهم وتتقد ( إذا رأتهم من مكان بعيد ) ، يقول : إذا رأت هذه النار التي أعتدناها لهؤلاء المكذبين أشخاصهم من مكان بعيد ، تغيظت عليهم ، وذلك أن تغلي وتفور ، يقال : فلان تغيظ على فلان ، وذلك إذ غضب عليه ، فغلى صدره من الغضب عليه ، [ ص: 244 ] وتبين في كلامه ، ( وزفيرا ) ، وهو صوتها .
فإن قال قائل : وكيف قيل ( سمعوا لها تغيظا ) والتغيظ : لا يسمع ، قيل معنى ذلك : سمعوا لها صوت التغيظ من التلهب والتوقد .
حدثني محمود بن خداش ، قال : ثنا ، قال : ثنا محمد بن يزيد الواسطي أصبغ بن زيد الوراق ، عن خالد بن كثير ، عن فديك ، عن رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا رأتهم من مكان بعيد ) " . . الآية . من يقول علي ما لم أقل فليتبوأ بين عيني جهنم مقعدا " قالوا : يا رسول الله ، وهل لها من عين؟ قال : " ألم تسمعوا إلى قول الله (
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر في قوله : ( سمعوا لها تغيظا وزفيرا ) قال : أخبرني المنصور بن المعتمر ، عن مجاهد ، عن ، قال : إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك ولا نبي إلا خر ترعد فرائصه حتى إن عبيد بن عمير إبراهيم ليجثو على ركبتيه ، فيقول : يا رب لا أسألك اليوم إلا نفسي ! .
حدثنا ، قال : ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : إن الرجل ليجر إلي النار ، فتنزوي ، وينقبض بعضها إلى بعض ، فيقول لها الرحمن : ما لك؟ فتقول : إنه ليستجير مني! فيقول : أرسلوا عبدي . وإن الرجل ليجر إلى النار ، فيقول : يا رب ما كان هذا الظن بك؟ فيقول : ما كان ظنك؟ فيقول : أن تسعني رحمتك ، قال : فيقول أرسلوا عبدي . وإن الرجل ليجر إلى النار ، فتشهق إليه النار شهوق البغلة إلى الشعير ، وتزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف .