القول في تأويل قوله تعالى : ( ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا ( 40 ) )
يقول تعالى ذكره : ولقد أتى هؤلاء الذين اتخذوا القرآن مهجورا على القرية التي أمطرها الله مطر السوء وهي سدوم ، قرية قوم لوط . ومطر السوء : هو الحجارة التي أمطرها الله عليهم فأهلكهم بها . كما :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن [ ص: 273 ] ( ابن جريج ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء ) قال : حجارة ، وهي قرية قوم لوط ، واسمها سدوم . قال ابن عباس : خمس قريات ، فأهلك الله أربعة ، وبقيت الخامسة ، واسمها صعوة . لم تهلك صعوة ، كان أهلها لا يعملون ذلك العمل ، وكانت سدوم أعظمها ، وهي التي نزل بها لوط ، ومنها بعث ، وكان إبراهيم صلى الله عليه وسلم ينادي نصيحة لهم : يا سدوم ، يوم لكم من الله ، أنهاكم أن تعرضوا لعقوبة الله ، زعموا أن لوطا ابن أخي إبراهيم صلوات الله عليهما .
وقوله : ( أفلم يكونوا يرونها ) يقول جل ثناؤه : أولم يكن هؤلاء المشركون الذين قد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء يرون تلك القرية ، وما نزل بها من عذاب الله بتكذيب أهلها رسلهم ، فيعتبروا ويتذكروا ، فيراجعوا التوبة من كفرهم وتكذيبهم محمدا صلى الله عليه وسلم ( بل كانوا لا يرجون نشورا ) يقول تعالى ذكره : ما كذبوا محمدا فيما جاءهم به من عند الله ، لأنهم لم يكونوا رأوا ما حل بالقرية التي وصفت ، ولكنهم كذبوه من أجل أنهم قوم لا يخافون نشورا بعد الممات ، يعني أنهم لا يوقنون بالعقاب والثواب ، ولا يؤمنون بقيام الساعة ، فيردعهم ذلك عما يأتون من معاصي الله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ( ابن جريج أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا ) بعثا .