يقول تعالى ذكره : تقدس الرب الذي جعل في السماء بروجا ، ويعني بالبروج : القصور ، في قول بعضهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن العلاء ومحمد بن المثنى وسلم بن جنادة ، قالوا : ثنا عبد الله بن إدريس ، قال : سمعت أبي ، عن عطية بن سعد ، في قوله : ( تبارك الذي جعل في السماء بروجا ) قال : قصورا في السماء ، فيها الحرس .
حدثنا ، قال : ثني محمد بن المثنى أبو معاوية ، قال : ثني إسماعيل ، عن يحيى بن رافع ، في قوله : ( تبارك الذي جعل في السماء بروجا ) قال : قصورا في السماء .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عمرو ، عن منصور ، عن إبراهيم ( جعل في السماء بروجا ) قال : قصورا في السماء .
[ ص: 289 ] حدثني إسماعيل بن سيف ، قال : ثني علي بن مسهر ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح ، في قوله : ( تبارك الذي جعل في السماء بروجا ) قال : قصورا في السماء فيها الحرس .
وقال آخرون : هي النجوم الكبار .
ذكر من قال ذلك :
حدثني ، قال : ثنا ابن المثنى يعلى بن عبيد ، قال : ثنا إسماعيل ، عن أبي صالح ( تبارك الذي جعل في السماء بروجا ) قال : النجوم الكبار .
قال : ثنا الضحاك ، عن مخلد ، عن عيسى بن ميمون ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : الكواكب .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( بروجا ) قال : البروج : النجوم .
قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : هي قصور في السماء ، لأن ذلك في كلام العرب ( ولو كنتم في بروج مشيدة ) وقول الأخطل :
كأنها برج رومي يشيده بان بجص وآجر وأحجار
يعني بالبرج : القصر .
قوله : ( وجعل فيها سراجا ) اختلف القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة ( وجعل فيها سراجا ) على التوحيد ، ووجهوا تأويل ذلك إلى أنه جعل فيها الشمس ، وهي السراج التي عني عندهم بقوله : ( وجعل فيها سراجا ) .
كما حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا ) قال : السراج : الشمس .
وقرأته عامة قراء الكوفيين " وجعل فيها سرجا " على الجماع ، كأنهم وجهوا تأويله : وجعل فيها نجوما ( وقمرا منيرا ) وجعلوا النجوم سرجا إذ كان يهتدى بها .
[ ص: 290 ] والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار ، لكل واحدة منهما وجه مفهوم ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
وقوله : ( وقمرا منيرا ) يعني بالمنير : المضيء .