القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28998_31910_31942تأويل قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=9يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم ( 9 )
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون ( 10 )
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم ( 11 ) )
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيله
لموسى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=9إنه أنا الله العزيز ) في نقمته من أعدائه ( الحكيم ) في تدبيره في خلقه ، والهاء التي في قوله : ( إنه ) هاء عماد ، وهو اسم لا يظهر في قول بعض أهل العربية . وقال بعض
نحويي الكوفة : يقول هي الهاء المجهولة ، ومعناها : أن الأمر والشأن : أنا الله . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10وألق عصاك فلما رآها تهتز ) في الكلام محذوف ترك ذكره استغناء بما ذكر عما حذف ، وهو فألقاها فصارت حية تهتز (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10فلما رآها تهتز كأنها جان ) يقول : كأنها حية عظيمة ، والجان : جنس من الحيات معروف .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج في ذلك ما حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ) قال : حين تحولت حية تسعى ، وهذا الجنس من الحيات عنى الراجز بقوله :
يرفعن بالليل إذا ما أسدفا أعناق جنان وهاما رجفا
وعنقا بعد الرسيم خيطفا
[ ص: 431 ]
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10ولى مدبرا ) يقول تعالى ذكره : ولى
موسى هاربا خوفا منها (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10ولم يعقب ) يقول : ولم يرجع . من قولهم : عقب فلان : إذا رجع على عقبه إلى حيث بدأ .
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قول الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10ولم يعقب ) قال : لم يرجع .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، مثله .
قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا
أبو سفيان عن
معمر ، عن
قتادة ، قال : لم يلتفت .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10ولم يعقب ) قال : لم يرجع ( يا موسى ) قال : لما ألقى العصا صارت حية ، فرعب منها وجزع ، فقال الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10إني لا يخاف لدي المرسلون ) قال : فلم يرعو لذلك ، قال : فقال الله له : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=31أقبل ولا تخف إنك من الآمنين ) قال : فلم يقف أيضا على شيء من هذا حتى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=21سنعيدها سيرتها الأولى ) قال : فالتفت فإذا هي عصا كما كانت ، فرجع فأخذها ، ثم قوي بعد ذلك حتى صار يرسلها على
فرعون ويأخذها .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ) يقول تعالى ذكره : فناداه ربه : يا
موسى لا تخف من هذه الحية ، إني لا يخاف لدي المرسلون . يقول : إني لا يخاف عندي رسلي وأنبيائي الذين أختصهم بالنبوة ، إلا من ظلم منهم ، فعمل بغير الذي أذن له في العمل به .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون ) قال : لا يخيف الله الأنبياء
[ ص: 432 ] إلا بذنب يصيبه أحدهم ، فإن أصابه أخافه حتى يأخذه منه .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا
عبد الله الفزاري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك ، عن
أبي بكر ، عن
الحسن ، قال : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ) قال : إني إنما أخفتك لقتلك النفس ، قال : وقال
الحسن : كانت الأنبياء تذنب فتعاقب .
واختلف أهل العربية في وجه دخول إلا في هذا الموضع ، وهو استثناء مع وعد الله الغفران المستثنى من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10إني لا يخاف لدي المرسلون ) بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11فإني غفور رحيم ) . وحكم الاستثناء أن يكون ما بعده بخلاف معنى ما قبله ، وذلك أن يكون ما بعده إن كان ما قبله منفيا مثبتا كقوله : ما قام إلا زيد ، فزيد مثبت له القيام ، لأنه مستثنى مما قبل إلا ، وما قبل إلا منفي عنه القيام ، وأن يكون ما بعده إن كان ما قبله مثبتا منفيا كقولهم : قام القوم إلا زيدا ; فزيد منفي عنه القيام ; ومعناه : إن زيدا لم يقم ، القوم مثبت لهم القيام (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء ) ، فقد أمنه الله بوعده الغفران والرحمة ، وأدخله في عداد من لا يخاف لديه من المرسلين ، فقال بعض
نحويي البصرة : أدخلت إلا في هذا الموضع ; لأن إلا تدخل في مثل هذا الكلام ، كمثل قول
العرب : ما أشتكي إلا خيرا ، فلم يجعل قوله : إلا خيرا على الشكوى ، ولكنه علم أنه إذا قال : ما أشتكي شيئا أن يذكر عن نفسه خيرا ، كأنه قال : ما أذكر إلا خيرا .
وقال بعض
نحويي الكوفة يقول القائل : كيف صير خائفا من ظلم ، ثم بدل حسنا بعد سوء ، وهو مغفور له ؟ فأقول لك : في هذه الآية وجهان : أحدهما أن يقول : إن الرسل معصومة مغفور لها آمنة يوم القيامة ، ومن خلط عملا صالحا وآخر سيئا فهو يخاف ويرجو ، فهذا وجه . والآخر : أن يجعل الاستثناء من الذين تركوا في الكلمة ، لأن المعنى : لا يخاف لدي المرسلون ، إنما الخوف على من سواهم ، ثم استثنى فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إلا من ظلم ثم بدل حسنا ) يقول : كان مشركا ، فتاب من الشرك ، وعمل حسنا ، فذلك مغفور له ، وليس يخاف . قال : وقد قال بعض النحويين : إن إلا في اللغة بمنزلة الواو ، وإنما معنى هذه الآية : لا يخاف لدي المرسلون ، ولا من ظلم ثم بدل حسنا ، قال : وجعلوا مثله كقول الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم ) قال : ولم أجد العربية تحتمل ما قالوا ، لأني لا أجيز : قام الناس إلا عبد الله ، وعبد الله قائم ، إنما
[ ص: 433 ] معنى الاستثناء أن يخرج الاسم الذي بعد إلا من معنى الأسماء التي قبل إلا . وقد أراه جائزا أن يقول : لي عليك ألف سوى ألف آخر ; فإن وضعت إلا في هذا الموضع صلحت ، وكانت إلا في تأويل ما قالوا ، فأما مجردة قد استثنى قليلها من كثيرها فلا ، ولكن مثله مما يكون معنى إلا كمعنى الواو ، وليست بها قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=107خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك ) هو في المعنى . والذي شاء ربك من الزيادة ، فلا تجعل إلا بمنزلة الواو ، ولكن بمنزلة سوى ; فإذا كانت " سوى " في موضع " إلا " صلحت بمعنى الواو ، لأنك تقول : عندي مال كثير سوى هذا : أي وهذا عندي ، كأنك قلت : عندي مال كثير وهذا أيضا عندي ، وهو في سوى أبعد منه في إلا لأنك تقول : عندي سوى هذا ، ولا تقول : عندي إلا هذا .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إلا من ظلم ثم بدل ) عندي غير ما قاله هؤلاء الذين حكينا قولهم من أهل العربية ، بل هو القول الذي قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج ومن قال قولهما ، وهو أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إلا من ظلم ) استثناء صحيح من قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ) منهم فأتى ذنبا ، فإنه خائف لديه من عقوبته ، وقد بين
الحسن رحمه الله معنى قيل الله
لموسى ذلك ، وهو قوله قال : إني إنما أخفتك لقتلك النفس .
فإن قال قائل فما وجه قيله إن كان قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إلا من ظلم ) استثناء صحيحا ، وخارجا من عداد من لا يخاف لديه من المرسلين ، وكيف يكون خائفا من كان قد وعد الغفران والرحمة ؟ قيل : إن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11ثم بدل حسنا بعد سوء ) كلام آخر بعد الأول ، وقد تناهى الخبر عن الرسل من ظلم منهم ، ومن لم يظلم عند قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إلا من ظلم ) ثم ابتدأ الخبر عمن ظلم من الرسل ، وسائر الناس غيرهم ، وقيل : فمن ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني له غفور رحيم .
فإن قال قائل : فعلام تعطف إن كان الأمر كما قلت ب ( ثم ) إن لم يكن عطفا على قوله : ( ظلم ) ؟ قيل : على متروك استغني بدلالة قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11ثم بدل حسنا بعد سوء ) عليه عن إظهاره ، إذ كان قد جرى قبل ذلك من الكلام نظيره ، وهو فمن ظلم من الخلق . وأما الذين ذكرنا قولهم من أهل العربية ، فقد قالوا على مذهب العربية ، غير أنهم أغفلوا معنى الكلمة وحملوها على غير وجهها من التأويل . وإنما ينبغي أن يحمل الكلام على وجهه
[ ص: 434 ] من التأويل ، ويلتمس له على ذلك الوجه للإعراب في الصحة مخرج لا على إحالة الكلمة عن معناها ووجهها الصحيح من التأويل .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11ثم بدل حسنا بعد سوء ) يقول تعالى ذكره : فمن أتى ظلما من خلق الله ، وركب مأثما ، ثم بدل حسنا ، يقول : ثم تاب من ظلمه ذلك وركوبه المأثم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11فإني غفور ) يقول : فإني ساتر على ذنبه وظلمه ذلك بعفوي عنه ، وترك عقوبته عليه ( رحيم ) به أن أعاقبه بعد تبديله الحسن بضده .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء ) ثم تاب من بعد إساءته (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11فإني غفور رحيم )
الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28998_31910_31942تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=9يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 9 )
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ( 10 )
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 11 ) )
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِهِ
لِمُوسَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=9إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ ) فِي نِقْمَتِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ ( الْحَكِيمُ ) فِي تَدْبِيرِهِ فِي خَلْقِهِ ، وَالْهَاءُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ : ( إِنَّهُ ) هَاءُ عِمَادٍ ، وَهُوَ اسْمٌ لَا يَظْهَرُ فِي قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ . وَقَالَ بَعْضُ
نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ : يَقُولُ هِيَ الْهَاءُ الْمَجْهُولَةُ ، وَمَعْنَاهَا : أَنَّ الْأَمْرَ وَالشَّأْنَ : أَنَا اللَّهُ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ ) فِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ تُرِكَ ذِكْرُهُ اسْتِغْنَاءً بِمَا ذُكِرَ عَمَّا حُذِفَ ، وَهُوَ فَأَلْقَاهَا فَصَارَتْ حَيَّةً تَهْتَزُّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ ) يَقُولُ : كَأَنَّهَا حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ ، وَالْجَانُّ : جِنْسٌ مِنَ الْحَيَّاتِ مَعْرُوفٌ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنِي
حَجَّاجٌ ، قَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ ) قَالَ : حِينَ تَحَوَّلَتْ حَيَّةً تَسْعَى ، وَهَذَا الْجِنْسُ مِنَ الْحَيَّاتِ عَنَى الرَّاجِزُ بِقَوْلِهِ :
يَرْفَعْنَ بِاللَّيِلِ إِذَا مَا أَسْدَفَا أَعْنَاقَ جِنَّانٍ وَهَامًا رُجَّفَا
وَعَنَقًا بَعْدَ الرَّسِيمِ خَيْطَفَا
[ ص: 431 ]
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10وَلَّى مُدْبِرًا ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَلَّى
مُوسَى هَارِبًا خَوْفًا مِنْهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10وَلَمْ يُعَقِّبْ ) يَقُولُ : وَلَمْ يَرْجِعْ . مِنْ قَوْلِهِمْ : عَقَّبَ فُلَانٌ : إِذَا رَجَعَ عَلَى عَقِبِهِ إِلَى حَيْثُ بَدَأَ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10وَلَمْ يُعَقِّبْ ) قَالَ : لَمْ يَرْجِعْ .
حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، مِثْلَهُ .
قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو سُفْيَانَ عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَالَ : لَمْ يَلْتَفِتْ .
حَدَّثَنِي
يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10وَلَمْ يُعَقِّبْ ) قَالَ : لَمْ يَرْجِعْ ( يَا مُوسَى ) قَالَ : لَمَّا أَلْقَى الْعَصَا صَارَتْ حَيَّةً ، فَرَعَبَ مِنْهَا وَجَزِعَ ، فَقَالَ اللَّهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ) قَالَ : فَلَمْ يَرْعُو لِذَلِكَ ، قَالَ : فَقَالَ اللَّهُ لَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=31أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ ) قَالَ : فَلَمْ يَقِفْ أَيْضًا عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا حَتَّى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=21سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى ) قَالَ : فَالْتَفَتَ فَإِذَا هِيَ عَصًا كَمَا كَانَتْ ، فَرَجَعَ فَأَخَذَهَا ، ثُمَّ قَوِيَ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ يُرْسِلُهَا عَلَى
فِرْعَوْنَ وَيَأْخُذُهَا .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : فَنَادَاهُ رَبُّهُ : يَا
مُوسَى لَا تَخَفْ مِنْ هَذِهِ الْحَيَّةِ ، إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ . يَقُولُ : إِنِّي لَا يَخَافُ عِنْدِي رُسُلِي وَأَنْبِيَائِي الَّذِينَ أَخْتَصُّهُمْ بِالنُّبُوَّةِ ، إِلَّا مَنْ ظَلَمَ مِنْهُمْ ، فَعَمِلَ بِغَيْرِ الَّذِي أُذِنَ لَهُ فِي الْعَمَلِ بِهِ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ) قَالَ : لَا يُخِيفُ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ
[ ص: 432 ] إِلَّا بِذَنْبٍ يُصِيبُهُ أَحَدُهُمْ ، فَإِنْ أَصَابَهُ أَخَافَهُ حَتَّى يَأْخُذَهُ مِنْهُ .
حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ الْفَزَارِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16418عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ
أَبِي بَكْرٍ ، عَنِ
الْحَسَنِ ، قَالَ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ) قَالَ : إِنِّي إِنَّمَا أَخَفْتُكَ لِقَتْلِكَ النَّفْسَ ، قَالَ : وَقَالَ
الْحَسَنُ : كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تُذْنِبُ فَتُعَاقَبُ .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ دُخُولِ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مَعَ وَعْدِ اللَّهِ الْغُفْرَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ) بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ) . وَحُكْمُ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ مَعْنَى مَا قَبْلَهُ ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهُ إِنْ كَانَ مَا قَبْلُهُ مَنْفِيًّا مُثْبَتًا كَقَوْلِهِ : مَا قَامَ إِلَّا زَيْدٌ ، فَزَيْدٌ مُثْبَتٌ لَهُ الْقِيَامُ ، لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَ إِلَّا ، وَمَا قَبْلَ إِلَّا مَنْفِيٌّ عَنْهُ الْقِيَامُ ، وَأَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهُ إِنْ كَانَ مَا قَبْلَهُ مُثْبَتًا مَنْفِيًّا كَقَوْلِهِمْ : قَامَ الْقَوْمُ إِلَّا زَيْدًا ; فَزَيْدٌ مَنْفِيٌّ عَنْهُ الْقِيَامُ ; وَمَعْنَاهُ : إِنَّ زَيْدًا لَمْ يَقُمْ ، الْقَوْمُ مُثْبَتٌ لَهُمُ الْقِيَامُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ ) ، فَقَدْ أَمَّنَهُ اللَّهُ بِوَعْدِهِ الْغُفْرَانَ وَالرَّحْمَةَ ، وَأَدْخَلَهُ فِي عِدَادِ مَنْ لَا يَخَافُ لَدَيْهِ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ، فَقَالَ بَعْضُ
نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ : أُدْخِلَتْ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ; لِأَنَّ إِلَّا تَدْخُلُ فِي مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ ، كَمِثْلِ قَوْلِ
الْعَرَبِ : مَا أَشْتَكِي إِلَّا خَيْرًا ، فَلَمْ يَجْعَلْ قَوْلَهُ : إِلَّا خَيْرًا عَلَى الشَّكْوَى ، وَلَكِنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ إِذَا قَالَ : مَا أَشْتَكِي شَيْئًا أَنْ يَذْكُرَ عَنْ نَفْسِهِ خَيْرًا ، كَأَنَّهُ قَالَ : مَا أَذْكُرُ إِلَّا خَيْرًا .
وَقَالَ بَعْضُ
نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ يَقُولُ الْقَائِلَ : كَيْفَ صَيَّرَ خَائِفًا مَنْ ظَلَمَ ، ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ ، وَهُوَ مَغْفُورٌ لَهُ ؟ فَأَقُولُ لَكَ : فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُولَ : إِنَّ الرُّسُلَ مَعْصُومَةٌ مَغْفُورٌ لَهَا آمِنَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ خَلَطَ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا فَهُوَ يَخَافُ وَيَرْجُو ، فَهَذَا وَجْهٌ . وَالْآخَرُ : أَنْ يَجْعَلَ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ الَّذِينَ تَرَكُوا فِي الْكَلِمَةِ ، لِأَنَّ الْمَعْنَى : لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ، إِنَّمَا الْخَوْفُ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ ، ثُمَّ اسْتَثْنَى فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا ) يَقُولُ : كَانَ مُشْرِكًا ، فَتَابَ مِنَ الشِّرْكِ ، وَعَمِلَ حُسْنًا ، فَذَلِكَ مَغْفُورٌ لَهُ ، وَلَيْسَ يَخَافُ . قَالَ : وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ : إِنَّ إِلَّا فِي اللُّغَةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَاوِ ، وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ : لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ، وَلَا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا ، قَالَ : وَجَعَلُوا مَثَلَهُ كَقَوْلِ اللَّهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) قَالَ : وَلَمْ أَجِدِ الْعَرَبِيَّةَ تَحْتَمِلُ مَا قَالُوا ، لِأَنِّي لَا أُجِيزُ : قَامَ النَّاسُ إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ ، وَعَبْدُ اللَّهِ قَائِمٌ ، إِنَّمَا
[ ص: 433 ] مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَخْرُجَ الِاسْمُ الَّذِي بَعْدَ إِلَّا مِنْ مَعْنَى الْأَسْمَاءِ الَّتِي قَبِلَ إِلَّا . وَقَدْ أَرَاهُ جَائِزًا أَنْ يَقُولَ : لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ سِوَى أَلْفٍ آخَرَ ; فَإِنْ وُضِعَتْ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ صَلَحَتْ ، وَكَانَتْ إِلَّا فِي تَأْوِيلِ مَا قَالُوا ، فَأَمَّا مُجَرَّدَةً قَدِ اسْتَثْنَى قَلِيلَهَا مِنْ كَثِيرِهَا فَلَا ، وَلَكِنَّ مِثْلَهُ مِمَّا يَكُونُ مَعْنَى إِلَّا كَمَعْنَى الْوَاوِ ، وَلَيْسَتْ بِهَا قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=107خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ) هُوَ فِي الْمَعْنَى . وَالَّذِي شَاءَ رَبُّكَ مِنَ الزِّيَادَةِ ، فَلَا تُجْعَلْ إِلَّا بِمَنْزِلَةِ الْوَاوِ ، وَلَكِنْ بِمَنْزِلَةِ سِوَى ; فَإِذَا كَانَتْ " سِوَى " فِي مَوْضِعِ " إِلَّا " صَلَحَتْ بِمَعْنَى الْوَاوِ ، لِأَنَّكَ تَقُولُ : عِنْدِي مَالٌ كَثِيرٌ سِوَى هَذَا : أَيْ وَهَذَا عِنْدِي ، كَأَنَّكَ قُلْتَ : عِنْدِي مَالٌ كَثِيرٌ وَهَذَا أَيْضًا عِنْدِي ، وَهُوَ فِي سِوَى أَبْعَدُ مِنْهُ فِي إِلَّا لِأَنَّكَ تَقُولُ : عِنْدِي سِوَى هَذَا ، وَلَا تَقُولُ : عِنْدِي إِلَّا هَذَا .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ ) عِنْدِي غَيْرُ مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَكَيْنَا قَوْلَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ ، بَلْ هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ وَمَنْ قَالَ قَوْلَهُمَا ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ) اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ مِنْ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=10لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ) مِنْهُمْ فَأَتَى ذَنْبًا ، فَإِنَّهُ خَائِفٌ لَدَيْهِ مِنْ عُقُوبَتِهِ ، وَقَدْ بَيَّنَ
الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ مَعْنَى قِيلِ اللَّهِ
لِمُوسَى ذَلِكَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ قَالَ : إِنِّي إِنَّمَا أَخَفْتُكَ لِقَتْلِكَ النَّفْسَ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَمَا وَجْهُ قِيلِهِ إِنْ كَانَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ) اسْتِثْنَاءً صَحِيحًا ، وَخَارِجًا مِنْ عِدَادِ مَنْ لَا يَخَافُ لَدَيْهِ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ، وَكَيْفَ يَكُونُ خَائِفًا مَنْ كَانَ قَدْ وُعِدَ الْغُفْرَانَ وَالرَّحْمَةَ ؟ قِيلَ : إِنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ ) كَلَامٌ آخَرَ بَعْدَ الْأَوَّلِ ، وَقَدْ تَنَاهَى الْخَبَرُ عَنِ الرُّسُلِ مَنْ ظَلَمَ مِنْهُمْ ، وَمَنْ لَمْ يَظْلِمْ عِنْدَ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ) ثُمَّ ابْتَدَأَ الْخَبَرَ عَمَّنْ ظَلَمَ مِنَ الرُّسُلِ ، وَسَائِرِ النَّاسِ غَيْرِهِمْ ، وَقِيلَ : فَمَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي لَهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَعَلَامَ تَعْطِفُ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قُلْتَ بِ ( ثُمَّ ) إِنْ لَمْ يَكُنْ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ : ( ظَلَمَ ) ؟ قِيلَ : عَلَى مَتْرُوكٍ اسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ ) عَلَيْهِ عَنْ إِظْهَارِهِ ، إِذْ كَانَ قَدْ جَرَى قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ نَظِيرُهُ ، وَهُوَ فَمَنْ ظَلَمَ مِنَ الْخَلْقِ . وَأَمَّا الَّذِينَ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةَ ، فَقَدْ قَالُوا عَلَى مَذْهَبِ الْعَرَبِيَّةِ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ أَغْفَلُوا مَعْنَى الْكَلِمَةِ وَحَمَلُوهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا مِنَ التَّأْوِيلِ . وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الْكَلَامُ عَلَى وَجْهِهِ
[ ص: 434 ] مِنَ التَّأْوِيلِ ، وَيُلْتَمَسُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ لِلْإِعْرَابِ فِي الصِّحَّةِ مَخْرَجٌ لَا عَلَى إِحَالَةِ الْكَلِمَةِ عَنْ مَعْنَاهَا وَوَجْهِهَا الصَّحِيحِ مِنَ التَّأْوِيلِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : فَمَنْ أَتَى ظُلْمًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ ، وَرَكِبَ مَأْثَمًا ، ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا ، يَقُولُ : ثُمَّ تَابَ مِنْ ظُلْمِهِ ذَلِكَ وَرُكُوبِهِ الْمَأْثَمَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11فَإِنِّي غَفُورٌ ) يَقُولُ : فَإِنِّي سَاتِرٌ عَلَى ذَنْبِهِ وَظُلْمِهِ ذَلِكَ بِعَفْوِي عَنْهُ ، وَتَرْكِ عُقُوبَتِهِ عَلَيْهِ ( رَحِيمٌ ) بِهِ أَنْ أُعَاقِبَهُ بَعْدَ تَبْدِيلِهِ الْحَسَنَ بِضِدِّهِ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ ) ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِ إِسَاءَتِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=11فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ )