يقول تعالى ذكره : وقال : ( فرعون لأشراف قومه وسادتهم يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري ) فتعبدوه ، وتصدقوا قول موسى فيما جاءكم به من أن لكم وله ربا غيري ومعبودا سواي ( فأوقد لي يا هامان على الطين ) يقول : فاعمل لي آجرا ، وذكر أنه أول من طبخ الآجر وبنى به .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد : ( فأوقد لي يا هامان على الطين ) قال : على المدر يكون لبنا مطبوخا .
قال : أول من أمر بصنعة الآجر وبنى به ابن جريج فرعون .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : ( فأوقد لي يا هامان على الطين ) قال : فكان أول من طبخ الآجر يبني به الصرح .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قول الله : ( فأوقد لي يا هامان على الطين ) قال : المطبوخ الذي يوقد عليه هو من طين يبنون به البنيان .
وقوله : ( فاجعل لي صرحا ) يقول : ابن لي بالآجر بناء ، وكل بناء مسطح فهو صرح كالقصر . ومنه قول الشاعر : [ ص: 581 ]
بهن نعام بناها الرجا ل تحسب أعلامهن الصروحا
يعني بالصروح : جمع صرح .
وقوله : ( لعلي أطلع إلى إله موسى ) يقول : أنظر إلى معبود موسى ، الذي يعبده ، ويدعو إلى عبادته ( وإني لأظنه ) فيما يقول من أن له معبودا يعبده في السماء ، وأنه هو الذي يؤيده وينصره ، وهو الذي أرسله إلينا من الكاذبين ; فذكر لنا أن هامان بنى له الصرح ، فارتقى فوقه .
فكان من قصته وقصة ارتقائه ما حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسباط ، عن قال : قال السدي ، فرعون لقومه : ( يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي ) أذهب في السماء ، فأنظر ( إلى إله موسى ) فلما بني له الصرح ، ارتقى فوقه ، فأمر بنشابة فرمى بها نحو السماء ، فردت إليه وهي متلطخة دما ، فقال : قد قتلت إله موسى ، تعالى الله عما يقولون .