القول في تأويل قوله تعالى : ( وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون ( 41 ) وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين ( 42 ) ) [ ص: 583 ]
يقول تعالى ذكره : وجعلنا فرعون وقومه أئمة يأتم بهم أهل العتو على الله والكفر به ، يدعون الناس إلى أعمال أهل النار ( ويوم القيامة لا ينصرون ) يقول جل ثناؤه : ويوم القيامة لا ينصرهم إذا عذبهم الله ناصر ، وقد كانوا في الدنيا يتناصرون ، فاضمحلت تلك النصرة يومئذ .
وقوله : ( وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ) يقول تعالى ذكره : وألزمنا فرعون وقومه في هذه الدنيا خزيا وغضبا منا عليهم ، فحتمنا لهم فيها بالهلاك والبوار والثناء السيئ ، ونحن متبعوهم لعنة أخرى يوم القيامة ، فمخزوهم بها الخزي الدائم ، ومهينوهم الهوان اللازم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : ( وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ) قال : لعنوا في الدنيا والآخرة ، قال : هو كقوله : ( وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود ) .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن قوله : ( ابن جريج ، وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ) لعنة أخرى ، ثم استقبل فقال : ( هم من المقبوحين ) وقوله : ( هم من المقبوحين ) يقول تعالى ذكره : هم من القوم الذين قبحهم الله ، فأهلكهم بكفرهم بربهم ، وتكذيبهم رسوله موسى عليه السلام ، فجعلهم عبرة للمعتبرين ، وعظة للمتعظين .