القول في تأويل قوله تعالى : ( وقفوهم إنهم مسئولون ( 24 ) ما لكم لا تناصرون ( 25 ) بل هم اليوم مستسلمون ( 26 ) وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ( 27 ) )
يقول - تعالى ذكره - : ( وقفوهم ) : احبسوهم : أي احبسوا أيها الملائكة هؤلاء المشركين الذين ظلموا أنفسهم وأزواجهم ، وما كانوا يعبدون من دون الله من الآلهة ( إنهم مسئولون ) فاختلف أهل التأويل في المعنى الذي يأمر الله - تعالى ذكره - بوقفهم لمسألتهم عنه ، فقال بعضهم : يسألهم هل يعجبهم ورود النار .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا قال : ثنا محمد بن بشار عبد الرحمن قال : ثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل قال : ثنا أبو الزعراء قال : كنا عند عبد الله ، فذكر قصة ، ثم قال : يتمثل الله للخلق فيلقاهم ، فليس أحد من الخلق كان يعبد من دون الله شيئا إلا وهو مرفوع له يتبعه قال : فيلقى اليهود فيقول : من تعبدون ؟ فيقولون : نعبد عزيرا قال : فيقول : هل يسركم الماء ؟ [ ص: 30 ] فيقولون : نعم ، فيريهم جهنم وهي كهيئة السراب ، ثم قرأ ( وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا ) قال : ثم يلقى النصارى فيقول : من تعبدون ؟ فيقولون : المسيح ، فيقول : هل يسركم الماء ؟ فيقولون : نعم ، فيريهم جهنم ، وهي كهيئة السراب ، ثم كذلك لمن كان يعبد من دون الله شيئا ، ثم قرأ عبد الله ( وقفوهم إنهم مسئولون )
وقال آخرون : بل ذلك للسؤال عن أعمالهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا معتمر ، عن ليث ، عن رجل ، عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " وقفوهم إنهم مسئولون ) أيما رجل دعا رجلا إلى شيء كان موقوفا لازما به ، لا يغادره ، ولا يفارقه " ثم قرأ هذه الآية (
وقال آخرون : بل معنى ذلك : وقفوا هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم وأزواجهم إنهم مسئولون عما كانوا يعبدون من دون الله .
وقوله ( ما لكم لا تناصرون ) يقول : ما لكم أيها المشركون بالله لا ينصر بعضكم بعضا ( بل هم اليوم مستسلمون ) يقول : بل هم اليوم مستسلمون لأمر الله فيهم وقضائه ، موقنون بعذابه . كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( ما لكم لا تناصرون ) لا والله لا يتناصرون ، ولا يدفع بعضهم عن بعض ( بل هم اليوم مستسلمون ) في عذاب الله .
وقوله ( وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ) قيل : معنى ذلك : وأقبل الإنس على الجن ، يتساءلون .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ) الإنس على الجن .