القول في تأويل قوله تعالى : ( ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ( 67 ) ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ( 68 ) إنهم ألفوا آباءهم ضالين ( 69 ) فهم على آثارهم يهرعون ( 70 ) ) [ ص: 55 ] يقول - تعالى ذكره - : ( ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ) ثم إن لهؤلاء المشركين على ما يأكلون من هذه الشجرة - شجرة الزقوم - شوبا ، وهو الخلط من قول العرب : شاب فلان طعامه فهو يشوبه شوبا وشيابا ( من حميم ) والحميم : الماء المحموم ، وهو الذي أسخن فانتهى حره ، وأصله مفعول صرف إلى فعيل .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله ( ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ) يقول : لمزجا .
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ) يعني : شرب الحميم على الزقوم .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ) قال : مزاجا من حميم .
حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن ( السدي ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ) قال : الشوب : الخلط ، وهو المزج .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ) قال : حميم يشاب لهم بغساق مما تغسق أعينهم ، وصديد من قيحهم ودمائهم مما يخرج من أجسادهم .
وقوله ( ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ) يقول - تعالى ذكره - : ثم إن مآبهم [ ص: 56 ] ومصيرهم لإلى الجحيم .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ) فهم في عناء وعذاب من نار جهنم ، وتلا هذه الآية : ( يطوفون بينها وبين حميم آن )
حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن في قوله ( السدي ، ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ) قال : في قراءة عبد الله : " ثم إن منقلبهم لإلى الجحيم " وكان عبد الله يقول : والذي نفسي بيده ، لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار ، ثم قال : ( أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا )
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله ( ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ) قال : موتهم .
وقوله ( إنهم ألفوا آباءهم ضالين ) يقول : إن هؤلاء المشركين - الذين إذا قيل لهم : قولوا لا إله إلا الله يستكبرون - وجدوا آباءهم ضلالا عن قصد السبيل ، غير سالكين محجة الحق .
( فهم على آثارهم يهرعون ) يقول : فهؤلاء يسرع بهم في طريقهم ، ليقتفوا آثارهم وسنتهم . يقال منه : أهرع فلان : إذا سار سيرا حثيثا ، فيه شبه بالرعدة .
[ ص: 57 ] وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله ( إنهم ألفوا آباءهم ضالين ) أي وجدوا آباءهم .
حدثنا بشر ، قال ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( إنهم ألفوا آباءهم ) : أي وجدوا آباءهم .
وبنحو الذي قلنا في " يهرعون " - أيضا - قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله ( فهم على آثارهم يهرعون ) قال : كهيئة الهرولة .
حدثنا بشر ، قال ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فهم على آثارهم يهرعون ) : أي يسرعون إسراعا في ذلك .
حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن في قوله ( يهرعون ) قال : يسرعون . السدي ،
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، فى قوله ( يهرعون إليه ) قال : يستعجلون إليه