القول في تأويل قوله تعالى : ( ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين ( 71 ) ولقد أرسلنا فيهم منذرين ( 72 ) فانظر كيف كان عاقبة المنذرين ( 73 ) إلا عباد الله المخلصين ( 74 ) )
يقول - تعالى ذكره - : ولقد ضل يا محمد عن قصد السبيل ومحجة الحق قبل مشركي قومك من قريش أكثر الأمم الخالية من قبلهم ( ولقد أرسلنا فيهم منذرين ) يقول : ولقد أرسلنا في الأمم التي خلت من قبل أمتك ، ومن قبل قومك المكذبيك منذرين تنذرهم بأسنا على كفرهم بنا ، فكذبوهم ولم يقبلوا منهم نصائحهم ، فأحللنا بهم بأسنا وعقوبتنا ( فانظر كيف كان عاقبة المنذرين ) يقول : فتأمل وتبين كيف كان غب أمر الذين أنذرتهم أنبياؤنا ، وإلام صار أمرهم ، وما الذي أعقبهم كفرهم بالله ، ألم نهلكهم فنصيرهم للعباد عبرة ولمن بعدهم عظة ؟
[ ص: 58 ] وقوله ( إلا عباد الله المخلصين ) يقول تعالى : فانظر كيف كان عاقبة المنذرين ، إلا عباد الله الذين أخلصناهم للإيمان بالله وبرسله ، واستثنى عباد الله من المنذرين ؛ لأن معنى الكلام : فانظر كيف أهلكنا المنذرين إلا عباد الله المؤمنين ، فلذلك حسن استثناؤهم منهم .
وبنحو الذي قلنا في قوله ( إلا عباد الله المخلصين ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن في قوله ( السدي ، إلا عباد الله المخلصين ) قال : الذين استخلصهم الله .