كما حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : لما خلا جعل يضرب آلهتهم باليمين
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك ، فذكر مثله .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فراغ عليهم ضربا باليمين ) فأقبل عليهم يكسرهم .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ثم أقبل عليهم كما قال الله ضربا باليمين ، ثم جعل يكسرهن بفأس في يده
وكان بعض أهل العربية يتأول ذلك بمعنى : فراغ عليهم ضربا بالقوة والقدرة ، ويقول : اليمين في هذا الموضع القوة . وبعضهم كان يتأول اليمين في هذا الموضع : الحلف ، ويقول : جعل يضربهن باليمين التي حلف بها بقوله ( وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين ) وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله : " فراغ عليهم صفقا باليمين " . وروي نحو ذلك عن الحسن .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا قال : ثنا يحيى بن واضح خالد بن عبد الله الجشمي قال : سمعت الحسن قرأ : " فراغ عليهم صفقا باليمين " : أي ضربا باليمين .
وقوله ( فأقبلوا إليه يزفون ) اختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة ، وبعض قراء الكوفة : ( فأقبلوا إليه يزفون ) بفتح الياء وتشديد الفاء من قولهم : زفت النعامة ، وذلك أول عدوها ، وآخر مشيها ، ومنه قول : الفرزدق
[ ص: 68 ]
وجاء قريع الشول قبل إفالها يزف وجاءت خلفه وهي زفف
.وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة : " يزفون " بضم الياء وتشديد الفاء من أزف فهو يزف . وكان الفراء يزعم أنه لم يسمع في ذلك إلا زففت ، ويقول : لعل قراءة من قرأه : " يزفون " بضم الياء من قول العرب : أطردت الرجل : أي صيرته طريدا ، وطردته : إذا أنت خسأته إذا قلت : اذهب عنا ، فيكون يزفون : أي جاءوا على هذه الهيئة بمنزلة المزفوفة على هذه الحالة ، فتدخل الألف . كما تقول : أحمدت الرجل : إذا أظهرت حمده ، وهو محمد : إذا رأيت أمره إلى الحمد ، ولم تنشر حمده قال : وأنشدني المفضل :
تمنى حصين أن يسود جذاعه فأمسى حصين قد أذل وأقهرا
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله " إليه يزفون " قال : الوزيف : النسلان .
والصواب من القراءة في ذلك عندنا قراءة من قرأه بفتح الياء وتشديد الفاء ، لأن ذلك هو الصحيح المعروف من كلام العرب ، والذي عليه قراءة الفصحاء من القراء .
وقد اختلف أهل التأويل في معناه ، فقال بعضهم : معناه : فأقبل قوم إبراهيم إلى إبراهيم يجرون .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله ( فأقبلوا إليه يزفون ) : فأقبلوا إليه يجرون .
وقال آخرون : أقبلوا إليه يمشون .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن في قوله ( السدي ، فأقبلوا إليه يزفون ) قال : يمشون .
وقال آخرون : معناه : فأقبلوا يستعجلون .
ذكر من قال ذلك : [ ص: 70 ] حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، عن أبيه ( فأقبلوا إليه يزفون ) قال : يستعجلون قال : يزف : يستعجل .
وقوله ( قال أتعبدون ما تنحتون ) يقول - تعالى ذكره - : قال إبراهيم لقومه : أتعبدون أيها القوم ما تنحتون بأيديكم من الأصنام .
كما حدثني بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( قال أتعبدون ما تنحتون ) الأصنام .
وقوله ( والله خلقكم وما تعملون ) يقول - تعالى ذكره - مخبرا عن قيل إبراهيم لقومه : والله خلقكم أيها القوم وما تعملون . وفي قوله ( وما تعملون ) وجهان : أحدهما : أن يكون قوله " ما " بمعنى المصدر ، فيكون معنى الكلام حينئذ : والله خلقكم وعملكم .
والآخر أن يكون بمعنى " الذي " ، فيكون معنى الكلام عند ذلك : والله خلقكم والذي تعملونه : أي والذي تعملون منه الأصنام ، وهو الخشب والنحاس والأشياء التي كانوا ينحتون منها أصنامهم .
وهذا المعنى الثاني قصد - إن شاء الله - قتادة بقوله الذي حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : ( والله خلقكم وما تعملون ) : بأيديكم