[ ص: 119 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( أصطفى البنات على البنين ( 153 ) أصطفى البنات على البنين ( 153 ) ما لكم كيف تحكمون ( 154 ) أفلا تذكرون ( 155 ) أم لكم سلطان مبين ( 156 ) فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين ( 157 ) )
يقول - تعالى ذكره - موبخا هؤلاء القائلين : لله البنات - من مشركي قريش : ( أصطفى ) الله أيها القوم ( البنات على البنين ) والعرب إذا وجهوا الاستفهام إلى التوبيخ أثبتوا ألف الاستفهام أحيانا وطرحوها أحيانا ، كما قيل : ( أذهبتم ) بالقصر ( طيباتكم في حياتكم الدنيا ) يستفهم بها ، ولا يستفهم بها ، والمعنى في الحالين واحد ، وإذا لم يستفهم في قوله ( أصطفى البنات ) ذهبت ألف اصطفى في الوصل ، ويبتدأ بها بالكسر ، وإذا استفهم فتحت وقطعت .
وقد ذكر عن بعض أهل المدينة أنه قرأ ذلك بترك الاستفهام والوصل . فأما قراء الكوفة والبصرة ، فإنهم في ذلك على قراءته بالاستفهام ، وفتح ألفه في الأحوال كلها ، وهي القراءة التي نختار لإجماع الحجة من القراء عليها .
وقوله ( ما لكم كيف تحكمون ) يقول : بئس الحكم تحكمون أيها القوم أن يكون لله البنات ولكم البنون ، وأنتم لا ترضون البنات لأنفسكم ، فتجعلون له ما لا ترضونه لأنفسكم ؟
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( أصطفى البنات على البنين ما لكم كيف تحكمون ) يقول : كيف يجعل لكم البنين ولنفسه البنات ، ما لكم كيف تحكمون ؟ .
وقوله ( أفلا تذكرون ) يقول : أفلا تتدبرون ما تقولون ، فتعرفوا خطأه [ ص: 120 ] فتنتهوا عن قيله ؟
وقوله ( أم لكم سلطان مبين ) يقول : ألكم حجة تبين صحتها لمن سمعها ، بحقيقة ما تقولون ؟
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( أم لكم سلطان مبين ) : أي عذر مبين .
حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن في قوله ( سلطان مبين ) قال حجة . السدي ،
وقوله ( فأتوا بكتابكم ) يقول : فأتوا بحجتكم من كتاب جاءكم من عند الله بأن الذي تقولون من أن له البنات ولكم البنين كما تقولون .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فأتوا بكتابكم ) : أي بعذركم ( إن كنتم صادقين )
حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن : ( فأتوا بكتابكم ) أن هذا كذا بأن له البنات ولكم البنون . السدي
وقوله ( إن كنتم صادقين ) يقول : إن كنتم صادقين أن لكم بذلك حجة .