القول في تأويل قوله تعالى : ( إن الساعة لآتية لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ( 59 ) وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ( 60 ) )
يقول - تعالى ذكره - : إن الساعة التي يحيي الله فيها الموتى للثواب والعقاب لجائية أيها الناس لا شك في مجيئها؛ يقول : فأيقنوا بمجيئها ، وأنكم مبعوثون من بعد مماتكم ، ومجازون بأعمالكم ، فتوبوا إلى ربكم ( ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ) يقول : ولكن أكثر قريش لا يصدقون بمجيئها .
وقوله : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) يقول - تعالى ذكره - : ويقول ربكم أيها الناس لكم ادعوني : يقول : اعبدوني وأخلصوا لي العبادة دون من تعبدون من دوني من الأوثان والأصنام وغير ذلك ( أستجب لكم ) يقول : أجب دعاءكم فأعفو عنكم وأرحمكم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا عبد الله قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : ( ادعوني أستجب لكم ) يقول : وحدوني أغفر لكم .
حدثنا عمرو بن علي قال : ثنا عبد الله بن داود ، عن الأعمش ، عن زر ، عن يسيع الحضرمي ، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الدعاء هو العبادة " وقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : [ ص: 407 ] ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي ) .
حدثنا قال : ثنا محمد بن بشار عبد الرحمن قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن والأعمش زر ، عن يسيع الحضرمي ، عن النعمان بن بشير قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) . . . الآية . الدعاء هو العبادة ، (
حدثنا قال : ثنا محمد بن المثنى محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة ، عن منصور ، عن زر ، عن يسيع قال أبو موسى : هكذا قال غندر ، عن سعيد ، عن منصور ، عن زر ، عن يسيع ، عن النعمان بن بشير قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) . إن الدعاء هو العبادة " (
حدثنا قال : ثنا ابن المثنى عبد الرحمن بن مهدي قال : ثنا شعبة ، عن منصور ، عن زر ، عن يسيع عن النعمان بن بشير ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله .
حدثنا الحسن بن عرفة قال : ثنا يوسف بن العرف الباهلي ، عن الحسن بن أبي جعفر ، عن ، عن محمد بن جحادة يسيع الحضرمي ، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي ) قال : " عن دعائي " . إن عبادتي دعائي " ثم تلا هذه الآية : [ ص: 408 ] (
حدثنا علي بن سهل قال : ثنا مؤمل قال : ثنا عمارة ، عن ثابت قال : قالت لأنس : يا أبا حمزة أبلغك أن الدعاء نصف العبادة ؟ قال : لا بل هو العبادة كلها .
حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن قال : أخبرنا السدي منصور ، عن زر ، عن يسيع الحضرمي ، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي ) " . الدعاء هو العبادة ، ثم قرأ هذه الآية (
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا ، عن هاشم بن القاسم الأشجعي قال : قيل لسفيان : ادع الله ، قال : إن ترك الذنوب هو الدعاء .
وقوله : ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي ) يقول : إن الذين يتعظمون عن إفرادي بالعبادة ، وإفراد الألوهة لي ( سيدخلون جهنم داخرين ) بمعنى : صاغرين . وقد دللنا فيما مضى قبل على معنى الدخر بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وقد قيل : إن معنى قوله ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي ) : إن الذين يستكبرون عن دعائي .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن ( السدي إن الذين يستكبرون عن عبادتي ) قال : عن دعائي .
حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن ( داخرين ) قال : صاغرين . السدي