القول في تأويل قوله تعالى : ( وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون ( 5 ) )
يقول - تعالى ذكره - : وقال هؤلاء المشركون المعرضون عن آيات الله من مشركي قريش إذ دعاهم محمد نبي الله إلى الإقرار بتوحيد الله وتصديق ما في هذا القرآن من أمر الله ونهيه ، وسائر ما أنزل فيه ( قلوبنا في أكنة ) يقول : في أغطية ( مما تدعونا ) يا محمد ( إليه ) من توحيد الله ، وتصديقك فيما جئتنا به ، لا نفقه ما تقول ( وفي آذاننا وقر ) وهو الثقل ، لا نسمع ما تدعونا إليه استثقالا لما يدعو إليه وكراهة له . وقد مضى البيان قبل عن معاني هذه الأحرف [ ص: 429 ] بشواهده ، وذكر ما قال أهل التأويل فيه ، فكرهنا إعادة ذلك في هذا الموضع .
وقد : حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( قلوبنا في أكنة ) قال : عليها أغطية كالجعبة للنبل .
حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن قوله : ( السدي وقالوا قلوبنا في أكنة ) قال : عليها أغطية ( وفي آذاننا وقر ) قال : صمم .
وقوله : ( ومن بيننا وبينك حجاب ) يقولون : ومن بيننا وبينك يا محمد ساتر لا نجتمع من أجله نحن وأنت ، فيرى بعضنا بعضا ، وذلك الحجاب هو اختلافهم في الدين ، لأن دينهم كان عبادة الأوثان ، ودين محمد - صلى الله عليه وسلم - عبادة الله وحده لا شريك له ، فذلك هو الحجاب الذي زعموا أنه بينهم وبين نبي الله ، وذلك هو خلاف بعضهم بعضا في الدين .
وأدخلت " من " في قوله ( ومن بيننا وبينك حجاب ) والمعنى : وبيننا وبينك حجاب ، توكيدا للكلام .