القول في أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور ( 24 ) ) تأويل قوله تعالى : (
يقول - تعالى ذكره - : أم يقول هؤلاء المشركون بالله : ( افترى ) محمد ( على الله كذبا ) فجاء بهذا الذي يتلوه علينا اختلاقا من قبل نفسه . وقوله : ( فإن يشأ الله ) يا محمد يطبع على قلبك ، فتنس هذا القرآن الذي أنزل إليك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 532 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : ( أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشا الله يختم على قلبك ) فينسك القرآن .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، فى قوله : ( فإن يشا الله يختم على قلبك ) قال : إن يشأ الله أنسك ما قد أتاك .
حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن ، في قول الله عز وجل : ( السدي فإن يشأ الله يختم على قلبك ) قال : يطبع .
وقوله : ( ويمح الله الباطل ) يقول : ويذهب الله بالباطل فيمحقه . ( ويحق الحق بكلماته ) التي أنزلها إليك يا محمد فيثبته .
وقوله : ( ويمح الله الباطل ) في موضع رفع بالابتداء ، ولكنه حذفت منه الواو في المصحف ، كما حذفت من قوله : ( سندع الزبانية ) ومن قوله : ( ويدع الإنسان بالشر ) وليس بجزم على العطف على يختم .
وقوله : ( إنه عليم بذات الصدور ) يقول - تعالى ذكره - : إن الله ذو علم بما في صدور خلقه ، وما تنطوي عليه ضمائرهم ، لا يخفى عليه من أمورهم شيء ، يقول لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : لو حدثت نفسك أن تفتري على الله كذبا ، لطبعت على قلبك ، وأذهبت الذي أتيتك من وحيي ، لأني أمحو الباطل فأذهبه ، وأحق الحق ، وإنما هذا إخبار من الله الكافرين به ، الزاعمين أن محمدا افترى هذا القرآن من قبل نفسه ، فأخبرهم أنه إن فعل لفعل به ما أخبر به في هذه الآية .