القول في وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم ( 61 ) تأويل قوله تعالى : ( ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين ( 62 ) )
اختلف أهل التأويل في الهاء التي في قوله : ( وإنه ) وما المعني بها ، ومن ذكر ما هي ، فقال بعضهم : هي من ذكر عيسى ، وهي عائدة عليه . وقالوا : معنى الكلام : وإن عيسى ظهوره علم يعلم به مجيء الساعة ، لأن ظهوره من أشراطها ونزوله إلى الأرض دليل على فناء الدنيا ، وإقبال الآخرة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن يحيى ، عن ابن عباس ، ( وإنه لعلم للساعة ) قال : خروج عيسى ابن مريم .
حدثنا قال : ثنا ابن المثنى ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس بمثله ، إلا أنه قال : نزول عيسى ابن مريم .
حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسي قال : ثنا غالب بن قائد قال : ثنا قيس ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس ، أنه كان يقرأ " وإنه [ ص: 632 ] لعلم للساعة " قال : نزول عيسى ابن مريم .
حدثنا أبو كريب قال : ثنا ابن عطية ، عن ، عن فضيل بن مرزوق جابر قال : كان ابن عباس يقول : ما أدري علم الناس بتفسير هذه الآية ، أم لم يفطنوا لها ؟ " وإنه لعلم للساعة " قال : نزول عيسى ابن مريم .
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " وإنه لعلم للساعة " قال : نزول عيسى ابن مريم .
حدثني يعقوب قال : ثنا هشيم قال : أخبرنا حصين ، عن أبي مالك وعوف عن الحسن أنهما قالا في قوله : ( وإنه لعلم للساعة ) قالا نزول عيسى ابن مريم وقرأها أحدهما " وإنه لعلم للساعة " .
حدثنا محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( وإنه لعلم للساعة ) قال : آية للساعة خروج عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " وإنه لعلم للساعة " قال : نزول عيسى ابن مريم علم للساعة : القيامة .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : " وإنه لعلم للساعة " قال : نزول عيسى ابن مريم علم للساعة .
حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن ( السدي وإنه لعلم للساعة ) قال : خروج عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( وإنه لعلم للساعة ) يعني خروج عيسى ابن مريم ونزوله من السماء قبل يوم القيامة .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وإنه لعلم للساعة ) قال : نزول عيسى ابن مريم علم للساعة حين ينزل .
وقال آخرون : الهاء التي في قوله : ( وإنه ) من ذكر القرآن ، وقالوا : معنى [ ص: 633 ] الكلام : وإن هذا القرآن لعلم للساعة يعلمكم بقيامها ، ويخبركم عنها وعن أهوالها .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قال : كان الحسن يقول : " وإنه لعلم للساعة " هذا القرآن .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال : كان ناس يقولون : القرآن علم للساعة . واجتمعت قراء الأمصار في قراءة قوله : ( وإنه لعلم للساعة ) على كسر العين من العلم . وروي عن ابن عباس ما ذكرت عنه في فتحها ، وعن قتادة والضحاك .
والصواب من القراءة في ذلك : الكسر في العين ، لإجماع الحجة من القراء عليه .
وقد ذكر أن ذلك في قراءة أبي ، وإنه لذكر للساعة ، فذلك مصحح قراءة الذين قرءوا بكسر العين من قوله : ( لعلم ) .
وقوله : ( فلا تمترن بها ) يقول : فلا تشكن فيها وفي مجيئها أيها الناس .
كما حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن ( السدي فلا تمترن بها ) قال : تشكون فيها .
وقوله : ( واتبعون ) يقول - تعالى ذكره - : وأطيعون فاعملوا بما أمرتكم به ، وانتهوا عما نهيتكم عنه ، ( هذا صراط مستقيم ) يقول : اتباعكم إياي أيها الناس في أمري ونهي صراط مستقيم ، يقول : طريق لا اعوجاج فيه ، بل هو قويم .
وقوله : ( ولا يصدنكم الشيطان ) يقول - جل ثناؤه - : ولا يعدلنكم الشيطان عن طاعتي فيما آمركم وأنهاكم ، فتخالفوه إلى غيره ، وتجوروا عن الصراط المستقيم فتضلوا ( إنه لكم عدو مبين ) يقول : إن الشيطان لكم عدو يدعوكم إلى ما فيه هلاككم ، ويصدكم عن قصد السبيل ، ليوردكم المهالك ، مبين قد أبان لكم عداوته ، بامتناعه من السجود لأبيكم آدم ، وإدلائه بالغرور حتى أخرجه من [ ص: 634 ] الجنة حسدا وبغيا .