يقول - تعالى ذكره - : إن ، وأصل الغض : الكف في لين . ومنه : غض البصر ، وهو كفه عن النظر ، كما قال الذين يكفون رفع أصواتهم عند رسول الله جرير :
فغض الطرف إنك من نمير فلا كعبا بلغت ولا كلابا
[ ص: 282 ]وقوله ( أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى ) يقول - تعالى ذكره - : هؤلاء الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله ، هم الذين اختبر الله قلوبهم بامتحانه إياها ، فاصطفاها وأخلصها للتقوى ، يعني لاتقائه بأداء طاعته ، واجتناب معاصيه ، كما يمتحن الذهب بالنار ، فيخلص جيدها ، ويبطل خبثها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله ( امتحن الله قلوبهم ) قال : أخلص .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة في قوله ( امتحن الله قلوبهم ) قال : أخلص الله قلوبهم فيما أحب .
وقوله ( لهم مغفرة ) يقول : لهم من الله عفو عن ذنوبهم السالفة ، وصفح منه عنها لهم ( وأجر عظيم ) يقول : وثواب جزيل ، وهو الجنة .