القول في ق والقرآن المجيد ( 1 ) تأويل قوله تعالى : ( بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب ( 2 ) )
اختلف أهل التأويل في قوله : ( ق ) فقال بعضهم : هو اسم من أسماء الله تعالى أقسم به .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي بن داود قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس في قوله : ( ق ) و ( ن ) وأشباه هذا ، فإنه قسم أقسمه الله ، وهو اسم من أسماء الله .
وقال آخرون : هو اسم من أسماء القرآن .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة في قوله ( ق ) قال : اسم من أسماء القرآن .
وقال آخرون : ( ق ) اسم الجبل المحيط بالأرض ، وقد تقدم بياننا في تأويل حروف المعجم التي في أوائل سور القرآن بما فيه الكفاية عن إعادته في هذا الموضع .
وقوله ( والقرآن المجيد ) يقول : والقرآن الكريم . [ ص: 326 ]
كما حدثنا أبو كريب قال : ثنا يحيى بن يمان ، عن أشعث بن إسحاق ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ( ق والقرآن المجيد ) قال : الكريم .
واختلف أهل العربية في موضع جواب هذا القسم ، فقال بعض نحويي البصرة ( ق والقرآن المجيد ) قسم على قوله ( قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ) وقال بعض نحويي أهل الكوفة : فيها المعنى الذي أقسم به ، وقال : ذكر أنها قضى والله . وقال : يقال : إن " قاف " جبل محيط بالأرض ، فإن يكن كذلك فكأنه في موضع رفع : أي هو " قاف " والله . قال : وكان ينبغي لرفعه أن يظهر لأنه اسم وليس بهجاء . قال : ولعل القاف وحدها ذكرت من اسمه ، كما قال الشاعر :
قلت لها قفي لنا قالت قاف
ذكرت القاف إرادة القاف من الوقف : أي إني واقفة .
وهذا القول الثاني عندنا أولى القولين بالصواب ؛ لأنه لا يعرف في أجوبة الأيمان قد ، وإنما تجاب الأيمان إذا أجيبت بأحد الحروف الأربعة : اللام ، وإن ، وما ، ولا أو بترك جوابها فيكون ساقطا .
وقوله ( بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم ) يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ما كذبك يا محمد مشركو قومك أن لا يكونوا عالمين بأنك صادق محق ، ولكنهم كذبوك تعجبا من أن جاءهم منذر ينذرهم [ ص: 327 ] عقاب الله منهم ، يعني بشرا منهم من بني آدم ، ولم يأتهم ملك برسالة من عند الله .
وقوله ( فقال الكافرون هذا شيء عجيب ) يقول - تعالى ذكره - : فقال المكذبون بالله ورسوله من قريش إذ جاءهم منذر منهم ( هذا شيء عجيب ) : أي مجيء رجل منا من بني آدم برسالة الله إلينا ، ( هلا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا .