القول في قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد ( 27 ) تأويل قوله تعالى : ( قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ( 28 ) ) [ ص: 357 ]
يقول - تعالى ذكره - : قال قرين هذا الإنسان الكفار المناع للخير ، وهو شيطانه الذي كان موكلا به في الدنيا .
كما حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( قال قرينه ربنا ما أطغيته ) قال : قرينه شيطانه .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله ( قال قرينه ) قال : الشيطان قيض له .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( الذي جعل مع الله إلها آخر ) هو المشرك ( قال قرينه ربنا ما أطغيته ) قال : قرينه الشيطان .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( قال قرينه ربنا ما أطغيته ) قال : قرينه : الشيطان .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( قال قرينه ربنا ما أطغيته ) قال : قرينه : شيطانه .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( قال قرينه ربنا ما أطغيته ) قال : قرينه من الجن : ربنا ما أطغيته ، تبرأ منه .
وقوله ( ربنا ما أطغيته ) يقول : ما أنا جعلته طاغيا متعديا إلى ما ليس له ، وإنما يعني بذلك الكفر بالله ( ولكن كان في ضلال بعيد ) يقول : ولكن كان في طريق جائر عن سبيل الهدى جورا بعيدا . وإنما أخبر - تعالى ذكره - هذا الخبر ، عن قول قرين الكافر له يوم القيامة ، إعلاما منه عباده ، تبرأ بعضهم من بعض يوم القيامة .
كما حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في [ ص: 358 ] قوله ( ربنا ما أطغيته ) قال : تبرأ منه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني عبد الله بن أبي زياد قال : ثنا عبد الله بن أبي بكر قال : ثنا جعفر قال : سمعت أبا عمران يقول في قوله ( ربنا ما أطغيته ) تبرأ منه .
وقوله ( لا تختصموا لدي ) يقول - تعالى ذكره - : قال الله لهؤلاء المشركين الذين وصف صفتهم ، وصفة قرنائهم من الشياطين ( لا تختصموا لدي ) اليوم ( وقد قدمت إليكم بالوعيد ) في الدنيا قبل اختصامكم هذا ، بالوعيد لمن كفر بي ، وعصاني ، وخالف أمري ونهيي في كتبي ، وعلى ألسن رسلي .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني عبد الله بن أبي زياد قال : ثنا عبد الله بن أبي بكر قال : ثنا جعفر قال : سمعت أبا عمران يقول في قوله ( وقد قدمت إليكم بالوعيد ) قال : بالقرآن .
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس في قوله ( لا تختصموا لدي ) قال : إنهم اعتذروا بغير عذر ، فأبطل الله حجتهم ، ورد عليهم قولهم .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ) قال : يقول : قد أمرتكم ونهيتكم ، قال : هذا ابن آدم وقرينه من الجن .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع قال : قلت ( لأبي العالية لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ) قال أبو جعفر الطبري : أحسبه قال : هم أهل الشرك ، وقال في آية أخرى [ ص: 359 ] ( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ) فهم أهل القبلة .